الثلاثاء، 6 يوليو 2010

دار الكتاب الناطق لخدمة المكفوفين

دار الكتاب الناطق لخدمة المكفوفين


جمعية دار الكتاب الناطق لخدمة المكفوفين وعنوانها ميدان حلمية الزيتون - شارع سليم الأول - أبراج الطيران - رقم 99 وترأس مجلس إدراة الجمعية سيدة فاضلة هى الدكتورة "ابتسام أباظة".

هذه الجمعية تؤدى خدمات جليلة وعظيمة لطلاب المدارس والمعاهد والجامعات وأئمة المساجد حيث تقوم بتفريغ الكتاب وتحويله من كتاب مقروء إلى كتاب ناطق إمّا بشرائط الكاسيت،أو "بالسديهات" مقابل أجر رمزى، والحقيقة أن هذه الجمعية يجب أن يوجه إليها الدعم الحكومى والشعبى للاستمرار فى أداء رسالتها العظيمة وانتشارها فى ربوع مصر،ومن يريد أن يحول أى كتاب لديه إلى كتاب ناطق عليه التوجه إلى الجمعية فى العنوان أعلاه،ومدونة لقمة عيش تناشد جميع المصريين والعرب والمقتدرين بتوجيه تبرعاتهم إلى هذه الجمعية على الرقم المنشور فى الصورة حيث للآن ليس لديها مقر "ملك" لها،مع ملاحظة أن الخدمة ليست للمكفوفين فقط بل لكل من يرغب فى اقتناء الكتب الناطقة،وليست الكتب الناطقة للكتب الأزهرية أو الدينية فقط ،بل لكل أنواع كتب الجامعات مثل الحقوق والآداب،وأيضا الكتب الثقافية الأخرى لكبار المفكرين والكتّاب.ومن إعجابى بالفكرة رأيت أن أنشر هذا الموضوع كهدية من مدونة لقمة عيش للجمعية وللمثقفين ولفاعلى الخير.

السبت، 3 يوليو 2010

رحم الله الدكتور شيخ العربية في مصر عبده الراجحي رياض بن حسن الخوام

رحم الله الدكتور شيخ العربية في مصر عبده الراجحي
الأربعاء 26/05/2010
رياض بن حسن الخوام
اخبرني أخي الفاضل الدكتور عبد الرحمن العارف مساء يوم الاثنين نبأ وفاة أستاذنا العلامة عبده الراجحي ،فحزنت لفقده كثيراً وأسفت عليه أسفاً شديداً ، ورحت أسترجع شريط ذكرياتي مع هذا العالم النبيل الأصيل ، فبدا لي آخر الشريط وهو تلك الخاطرة التي مرت بي في اليوم نفسه عصراً بعد خروجي من المحاضرة في الجامعة عاتباً على نفسي أنني لم اتصل به هاتفياً منذ أكثر من شهرين تقريباً لأطمئن على صحته وأحواله ، كما هي عادتي وفي آخر اتصال سمعت صوته الجهوري المألوف عندي الممزوج بالشوق إلينا والتلهف إلى سماع أخبارنا سائلا ومسلما عن جميع الأحباب والأصحاب والعائلة ،ولم أك أدري أن هذا الاتصال هو الأخير كما لم أك أدري أن تلك الخاطرة هي في يوم وفاته فلعلها وداعاً منه قبل صعود روحه إلى رب كريم رحيم . رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته ،وحين أمسكت القلم لأكتب عنه هذه المقالة السريعة الموجزة تزاحمت المعاني السامية التي اتصف بها لتسطيرها –وما أكثرها- وترافقت الشمائل النبيلة التي خلق بها– وما أغزرها –لإبرازها، ناهيكم عن علومه المتعددة التي تمكن منها وأصناف الفنون التي برز فيها، ومثل هذه العجالة لا تكفي لإبراز هذه الجوانب المتعددة ولكن مالا يدرك كله لا يترك جله فلعلي فيما سأكتب أبرز أهم معالم صورة شيخنا على نحو ما نراه : -1 كان –رحمه الله – على دين وخلق واستقامة وأخلاق حسنة فبوأه الله المراتب العالية والوظائف الرفيعة، فهو عضو معتمد في لجان الترقيات العلمية، وعضو متألق في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ،وقبل هذا وذاك هو علم من أعلام جامعة الإسكندرية في مصر وجامعة بيروت العربية في لبنان، فما إن تذكر هاتان الجامعتان إلا ويذكر الدكتور عبده الراجحي فهو باني البنيان ومؤسس الأركان فيهما، والذي أعلمه أن علية القوم في لبنان تكرمه وتحبه وإذا حدثك رحمه الله عن بلاد الشام تشعر كأنه واحد منهم، خبير بلهجاتهم وتقاليدهم ، ولحبه لأهلها اختار شريكة حياته من فلسطين من العائلة الكريمة (الضامن ) ألهم الله( أم محمد) الصبر والسلوان، فقد فجعت بولدها محمد من قبل، قا ل لي: إن موقف (أم محمد) أقوى من موقفي، وتسليمها لقضاء الله وقدره أراحني، وحين واستها زوجتي قالت لها :إن ابني كان عندي أمانة من الله فأراد أن يسترجعها فلماذا الجزع ؟إن لله وإن إليه راجعون . أسرة كريمة زوج صالح وامرأة صالحة فيما نحسب وأولاد كرام بررة وإخوة أفاضل أعرف منهم الأستاذ الدكتور شرف الدين الراجحي فهو أخ كريم لنا ،وكنت من المداومين على زيارته في بيته في عمارة الدكتورعبده نفسها في حي رشدي مع أخي الحبيب الذي براني الشوق إليه وهو الدكتور( زكريا الفقي) الذي شاركني في الدراسة على( الدكتور عبده الراجحي) وإخوانه الدكاترة (عبد المجيد عابدين)( وطه الحاجري)( وبدري عبد الجليل)( وحسن عون )و(زكي العشماوي )ومصطفى هدارة) (وسيد خليل) وغيرهم كثير من أعلام جامعة الإسكندرية الأكارم. ومن إخوان الدكتور الطبيب( إبراهيم الراجحي) الذي يعمل في المستشفى الوطني بجدة والمهندس محمد في شركة ابن لادن في المدينة المنورة كان –رحمه الله – عميد أسرته إليه يفزعون وبتوجيهاته يعملون وحديثي عن اخوانه وأسرته يدفعني إلى أن أتحدث عن أولاده فقد رزق بثلاثة أولاد ذكور محمد وعلي و ثالث لا اذكر اسمه الآن وهو أصغرهم وبنت واحدة اسمها عزة أما محمد فهو شبل من ذاك الأسد لقد برع في كلية الطب فتلقفه الألمان ليعمل عندهم وفق معاهدات ثقافية بين مصر وألمانيا، ولمهارته في جراحة القلب، كان يحضر من ألمانيا لإجراء العمليات في القاهرة على المواطنين المصريين ، وفي إحدى المرات دخل غرفة العمليات وهو مرهق لأنه حضر من المطار مباشرة إلى غرفة العمليات وحين كان يجري العملية توقف قلبه النابض وخر مغشيا عليه من الإرهاق ففارق الحياة. وكانت وفاته فاجعة عظيمة ومصيبة أليمة، تلقاها الدكتور عبده وأسرته بالصبر والإحتساب على أمل اللقيا بابنهم في جنة عرضها السموات والارض كما قال لي الدكتور عبده _رحمه الله_ لقد حضر بعد موت ابنه ومعه أسرته إلى مكة معتمراً و اتصل بي هاتفياً قائلا : أنا أمام باب الملك عبد العزيز آمل أن أراك ولا أستطيع تلبية أي دعوة في منزلكم الآن، فهرعت ورأيته فمما اخبرني به أن ما حصل لابنه (محمد) كان يتوقعه منذ أن كان محمد صغيرا، وأنه كان يستشعر بأن هذا الولد سيخطف منه اختطافا، لذا تحقق ما كان يستشعره بتلك الفاجعة حامداً الله وداعياً أن يجمعه به في الجنة وحدثني عن صبر (أم محمد ) وقوة إيمانها أمام المصاب الجلل وأنها أقوى منه وأجلد . -2 أما الجانب الثاني الذي أود الحديث عنه فيتمثل في مواقفه النبيلة الدالة على جبلة كريمة وأرومة أصيلة، فبره لأساتذته لا تخفى على أي طالب من طلابه فمما اذكره ذلك الجهد الذي بذله في جنازة أستاذه وأستاذنا الدكتور حسن عون _رحمه الله_ لتظهر جنازته لائقة به مع انه يخالفه في كثير من أرائه العلمية، ومن ذلك أيضا إشغاله الدكتور (عبد المجيد عابدين) بعد تفرغه لكبر سنه في قسم الدراسات العليا فكان نعم العالم والمربي والموجه، ومن ذلك موقفه من الدكتور محمود الطناحي – رحمه الله- الذي أنصفه حين تقدم إلى الترقية في مصر فلولا الله ثم الدكتور عبده الراجحي لما حصل الدكتور محمود الطناحي على درجة أستاذ، لأن أعماله العلمية التحقيقية لم ترق لأفراد اللجنة لكن الدكتور عبده وجد في هذه التحقيقات ما يدل على استحقاق الدكتور الطناحي لهذه الدرجة أما مواقفه مع الطلاب فحدث عن البحر ولا حرج، وأكاد أجزم انه لا يوجد طالب وافد درس في قسم اللغة العربية في جامعة الإسكندرية إلا وللراجحي-رحمه الله - أياد بيضاء ومواقف كريمة معه، وأنا واحد منهم لقد كان لي نعم الأب الحاني والموجه والعالم النير والشيخ الفاضل والمربي الكامل ، ومن كرمه مع طلابه أنه حين انتهت إعارته في المملكة العربية السعودية في الرياض أهدى كل أثاث بيته إلى أحد الطلاب الوافدين الفقراء . وما ذكرناه من مواقفه النبيلة ومروءاته الأصيلة هو غيض من فيض، فهو كما قال الشاعر : *ولو أن ثوبا حيك في نسج تسعة وعشرين حرفاً في علاه قصير . -3 أما الجانب الثالث فهو تكوينه العلمي ونشاطه المعرفي نشأ في بيئة علمية راقية فالأساتذة الذين ذكرنا بعضاُ منهم في جامعة الإسكندرية هم من العلماء البارزين المعروفين، يضاف إلى ذلك أن الدكتور عبده ذو ذكاء لماح وذهن وقاد وحافظة قوية، فتهيأت له أسباب التمكن من العلوم التي تخصص فيها، ومما يجب أن نعرفه أن الشيخ الدكتور( محمد محمد حسين) العالم المشهور المعروف كان من أهم المؤثرين في حياته العلمية ، فقد قرأ عليه في بيته وهو طالب عددا من الدواوين الشعرية منها ديوان( ذو الرمة) أما اتصاله بالدرس اللغوي الحديث فقد تم على كبر كان يرحمه الله دائم النصح بتعلم اللغات الأجنبية وكان يقول :(احمدوا الله على أن وجد من يوجهكم إلى ذلك ) نحن تعلمنا ذلك بعد سن الأربعين أجاد اللغات الألمانية والانجليزية وشيئا فيما أحسب من الفرنسية ، وكان يلقي محاضرات في معهد (جوته) الألماني في الإسكندرية ويطلب منا حضورها ،وقد أقام علاقات ثقافية وثيقة مع الجامعات الألمانية وما زلت اذكر (المستشرق فيشر الصغير) حين زار جامعة الإسكندرية واستمعنا إلى محاضراته التي ألقاها علينا وكان ممن يناقشه بقوة وصرامة الرجل العالم (بوخاطر) مدير مركز الأصوات في الإسكندرية، فقد كان هذا الرجل بحق عالماً لا يبارى ولقد امتد نشاط الدكتور العلمي ليشمل مصر والعالم العربي والإسلامي ففي مصر صار علما من أعلامها اللغويين البارزين كون مع الدكتور أستاذنا الفاضل محمود فهمي حجازي مدرسة لغوية متميزة لا سبيل الآن في هذه العجالة للحديث عنها وعن خصائصها، كانا يتبادلان مناقشة الرسائل بينهما ،واحد يمثل جامعة القاهرة والآخر يمثل جامعة الإسكندرية . ومن المفيد أن نذكر أن الدكتور يرحمه الله أشرف على مئات من الرسائل العلمية في جامعتي الإسكندرية وبيروت العربية خاصة والعربية عامة ، وامتد هذا النشاط ليشمل جامعات آوربية وأذكر انه سافر أكثر من مرة إلى ألمانيا لمناقشة بعض الرسائل هناك كما أشرف على بعض الرسائل مشاركة مع أستاذ آخر ألماني، ومما يتصل بنشاطه العلمي أيضاً اتصاله بجامعات ( كازاخستان) وغيرها من الدول الإسلامية التي انفصلت عن روسيا ،وأذكر أنه مر بنا في مكة وبصحبته وكيل جامعة الإسكندرية وهما في طريقهما إلى (كازاخستان) لتأسيس قسم للغة العربية هناك ومن همته العالية أنه أدى العمرة بدلاً من أن يمكث في مطار جدة ليستقل الطائرة التي تقله إلى كازاخستان، ولو أردت أن أتكلم عن همته في العبادة حين كان يحضر إلى مكة لكتبت في ذلك صفحات كثيرة، لله دره ما أكثر شمائله، فهو بحق شيخ فاضل وقدوة تحتذى ولا يفوتني أن اذكر أنه حين درس وهو معيد في جامعة بيروت العربية حظي بالقبول هناك وربى أجيالاً، كلها تثني عليه وتدعو له، فأفضاله عمت وعلومه نفعت لقد ترك _يرحمه الله_ عددا من الكتب التي أثرت المكتبة العربية وذاع صيتها وانتشر أمرها منها : -1 التطبيق النحوي والصرفي وهما كتابان معتبران مقرران في عدد كثير من الجامعات العربية، اخبرني أنه بدأ بهما في لبنان في ليالي رمضان بعد أداء صلاة التراويح فكان يشعر بأنه سيقدم شيئا مفيدا إلى المكتبة العربية . -2إعراب بعض السور القرآنية وقد شاركه في ذلك الدكتور بدري عبد الجليل . -3 فقه اللغة في الكتب العربية وهو كتاب مقرر في عدد من الجامعات العربية . -4 اللهجات العربية في القرآت القرآنية وهو متميز في بابه رائد في موضوعه . -5 النحو العربي والدرس الحديث وهو كتاب له منزلة خاصة عند المشتغلين بعلوم العربية و علم اللغة الحديث وهناك كتب أخرى ومحاضرات كثيرة ألقاها في النوادي الأدبية والمؤتمرات الدولية يضاف إليها تلك المحاضرات التي كان يلقيها على طلبة الدراسات العليا لقد أفدنا منه كثيرا في فهم نظرية (دي سوسير)التي كانت حديثة الدراسة في جامعاتنا العربية لقد شرحها لنا من نصها الانجليزي مقارنا إياها بالظواهر اللغوية العربية، ومثل ذلك حين حدثنا عن (بلومفيلد) و النحو الأرسطي وغير ذلك مما يتصل بالدراسات اللغوية الحديثة، وقد سجلت كثيرا من هذه المحاضرات مع محاضرات الأستاذ القدير عبد المجيد عابدين – بل الله قبره بوابل رحماته – حول عبارة ( هيّ بن بيّ وهيان بن بيان – وعبارة أشد الهلّ و أوحاه ) إذ كان مولعا بالتحليل اللغوي الراقي ومقارنته بالساميات فكان يعجب ويطرب ويبدع غير أن عوادي الزمن أتت عليها كلها ، وكم أتمنى أن يقوم باحث بتناول جهود أستاذنا الفاضل الدكتور عبده الراجحي - يرحمه الله - في كتاب يجمع فيه كل جهوده اللغوية فالمكتبة العربية بحاجة إلى مثل ذلك ، ولا ننسى أخيرا أن نشير إلى أنه تعاقد مع جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض وألقى كثيرا من المحاضرات في النوادي الأدبية ، وشارك في مناقشة عدد من الرسائل في الجامعات السعودية أيضاً منها جامعة أم القرى ، وقد اتصل حين مكوثه في السعودية مع رجالات العلم والأدب فسعدوا به كما سعد بهم، وكان معجبا بالحركة اللغوية النشطة في المملكة ومثنيا على إخوانه هنا على ما رآه منهم من كريم الخصال وحميد الفعال، ولحبهم إياه دعوه أكثر من مرة لزيارات علمية ،وأخبرني أن أصول عائلته تعود إلى الممكلة العربية السعودية وأن واحدا من آل الراجحي اتصل به وتحادثا كثيراً عن تلك القرابة الحاصلة بينهما رحمك الله يا أستاذنا الفاضل، وأنزل على قبرك شآبيب رحماته وتغمدك بألطافه وأدخلك جناته ،وفرحنا بلقائك تحت لواء سيد المرسلين عند رب جواد كريم فأنت كما قال القائل: خيالك في عيني وذكرك في فمي ومثواك في قلبي فأين تغيب . عزيزي القارئ لعل ما قدمته في هذه العجالة يلقي ضوءا على أستاذنا الذي ندر مثيله في هذا الزمن الذي كسد فيه علم العربية وندرت علماؤه، ولا حول ولا قوة الإ بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون . ألهم الله أهله وإخوانه وطلابه الصبر والسلوان . * أستاذ اللغويات في جامعة أم القرى

عبده الراجحي‏..‏ حبة أخرى تنفرط‏!‏ بقلم: د‏.‏ سليمان عبد المنعم

عبده الراجحي‏..‏ حبة أخرى تنفرط‏!‏

بقلم: د‏.‏ سليمان عبد المنعم
................................

برحيل العالم الجليل الدكتور عبده الراجحي‏(1937-2010)‏ أستاذ اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الاسكندرية وعضو مجمع اللغة العربية تنفرط حبة أخري من العقد الفريد لجيل الرواد في جامعات مصر‏.‏
انتقل عبده الراجحي من دنيا الصخب والعراك والضجيج في زمن تبدل المعايير وانقلاب القيم الي دار الحق في مشهد أصبح معروفا متكررا رتيبا‏..‏ عالم جليل ومرب فاضل وهب حياته للعلم في صمت وسخاء يرحل في هدوء وصمت وكأنه لا يود إزعاج أحد‏!‏ مثل الكثيرين من العلماء الأصلاء لم يهتم عبده الراجحي بالاعلام والأضواء ولم يكترث بفنون العلاقات العامة التي جعلت من هم أقل منه شأنا وعلما يحظون بشهرة واهتمام لم ينل منهما العالم الجليل أقل القليل‏.‏
أخلص الراحل الكبير يرحمه الله لتخصصه العلمي في اللغة العربية فكان أحد حماتها المهمومين باغترابها‏,‏ وكان علم النحو شغفه الكبير‏.‏ قدم للمكتبة العربية مؤلفات رصينة في‏'‏ التطبيق النحوي‏',‏ و‏'‏التطبيق الصرفي‏',‏ و‏'‏المذاهب النحوية‏'‏ و‏'‏اللهجات العربية والقراءات القرآنية‏',‏ و‏'‏فقه اللغة في الكتب العربية‏'.‏ وبرز اهتمامه في العشرين عاما الأخيرة بقضية تعليم اللغات وما تواجهه اللغة العربية من تحديات في عصر المعرفة فكتب عن‏'‏ اللغة وعلوم المجتمع‏',‏ و‏'‏علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية‏',‏ و‏'‏أسس تعليم اللغات الأجنبية وتعلمها‏'.‏ ولم يكن اهتمامه باللغة العربية لغير الناطقين بها مقتصرا فقط علي الجوانب النظرية فانشأ في جامعة الاسكندرية مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها‏.‏وكانت له في هذا أحلام عريضة لم يسعفه الزمن لتحقيقها علي الرغم من دأبه ومثابرته‏.‏
ولم يحصر العالم الجليل نفسه في أسر تخصصه العلمي بل سعي للانشغال بقضايا عصره وأمته فكان أحد الذين تأثروا بمقولة الراحل العظيم المفكر السياسي الكبير أحمد بهاء الدين‏'‏ اعرف عدوك‏'‏ فأصدر كتابه عن‏'‏ الشخصية الاسرائيلية‏'‏ بعد عام واحد من نكسة عام‏.1967‏ كان عبده الراجحي أكاديميا معطاء أشرف علي نحو مائة رسالة ماجستير ودكتوراه في العلوم اللغوية كان للفكر النحوي منها عدد كبير حتي أصبح صاحب مدرسة علمية قوامها الآلاف من تلاميذه في مصر وخارج مصر منهم اليوم اساتذة مرموقون‏.‏
كان الراحل الكبير الدكتور عبده الراجحي متحدثا بارعا لبقا يمتلك ناصية الحديث‏,‏ حاضر المعلومة والدعابة‏,‏ يتعجب المرء كيف لم يستطع إعلامنا الذي يملأ السماوات صخبا أن يصل الي هذا العالم الجليل متنوع الثقافة واسع الآفاق ليستفيد منه الناس ؟ وككل العلماء من ذوي الكبرياء والاعتزاز بتخصصهم العلمي لم ينشغل عبده الراجحي بغير العلم واللغة العربية ولم يخطب ود غيرهما‏!!‏ كان للمرحوم حضوره المميز والمؤثر في الأوساط العلمية والأكاديمية خارج مصر‏,‏ فكان سفيرا حقيقيا لبلاده دون أن يدخل باب سفارة قط‏!!‏ عمل عميدا لكلية الآداب في جامعة بيروت العربية‏,‏ كما عمل في جامعة الامام محمد بن سعود‏,‏ وجامعة إرلانجن في ألمانيا وجامعات لندن واكسفورد واكستر في بريطانيا‏,‏ وجامعة موسكو‏,‏ والعديد من الجامعات الآسيوية في ماليزيا وأوزباكستان وتتارستان‏.‏ تجول في أروقة هذه الجامعات العريقة وحاضر فيها دفاعا عن لغة الضاد التي وهب حياته لها‏.‏
وكان وراء هذا التاريخ العلمي الحافل شخصية انسانية بسيطة وآسرة‏.‏ وكان العالم الجليل يتمتع بصلابة نفسية لعله كان يحمي بها نفسه من تطفل الآخرين وإزعاجهم‏.‏ كأن أغرب مشهد مثير للحزن والدهشة في اللقاءات القليلة التي جمعتني بالراحل الكبير ما حدث ذات يوم في لبنان‏.‏ كنا نتناول طعام الغداء تلبية لدعوة صديق لبناني في منطقة جبلية هادئة وخلابة في صحبة د‏.‏ عمرو جلال العدوي رئيس جامعة بيروت العربية وبعض الزملاء الأساتذة‏.‏ وكان المرحوم د‏.‏ عبده الراجحي هو نجم هذه الجلسة بحديثه المتدفق وحكاياته الراقية المتنوعة التي لا تنتهي‏.‏ وفجأة تلقي اتصالا هاتفيا يخبره بوفاة ابنه الأكبر الذي كان يعمل طبيبا ناجحا في المانيا‏.‏ توفي الجراح الشاب الماهر في ذروة شبابه وتألقه المهني‏.‏ كان رد فعل الخبر الفاجعة علي الأب المكلوم مثيرا للانتباه والدهشة ولا أحسب أنني شاهدت موقفا بتفرده حتي اليوم إذ لاذ بالصمت تماما وقد وضع نظارته السوداء علي عينيه وكأنه يحتمي بها من تطفلنا‏..‏ بينما كنا نهبط الجبل بالسيارة لم يرد علي تساؤلات أحد‏..‏ بدا أنه يتمتم بآيات قرآنية وكأنه لا يريد لأحد أن يقطع خلوته الروحية أو يشتت حزنه النبيل‏.‏ طلب سيارة تقله الي مطار بيروت حيث كانت هناك طائرة تقلع لحسن الحظ بعد ساعات قليلة‏.‏ حاولت في رفق أن افتح حديثا معه علني أخفف عنه دون جدوي‏.‏ عرضنا عليه أن نصحبه الي المطار حتي موعد إقلاع الطائرة لكن اعتذر بكلمات مقتضبة كسيرة‏.‏ كان واضحا أن كل ما يريده الرجل هو أن يخلو الي نفسه‏..‏ احترمنا رغبته وانحنينا أمام طقوس حزنه الفريد‏.‏
بعد عام تقريبا من هذه المناسبة الأليمة التقيته مصادفة عند باب احدي مكتبات بيع الصحف في شارع الحمراء في بيروت حيث كان يعمل أستاذا زائرا لعدة أشهر‏.‏ تجاذبنا سريعا أطراف الحديث‏.‏ قلت له لا أراك هذه الأيام وأنا أمارس رياضة المشي في الصباح المبكر في طريق الكورنيش‏.‏ رد قائلا إنني أفضل ممارسة رياضة المشي في المساء حتي أتفرغ في الصباح الباكر لأعمالي الذهنية في الكتابة والقراءة‏!‏ سكت لحظة ثم أردف قائلا ساعات الصباح الأولي لدي وقت ثمين هو الأجدر بنشاطي الذهني‏!‏ قال ذلك وهو الذي تجاوز السبعين‏..‏ لكن بقي العلم هو انشغاله الأكبر‏..‏ إنها الملامح ذاتها لجيل من الرواد في مصر‏..‏ يرحلون في صمت واحدا تلو الآخر‏,‏ تاركين لنا الوحشة والفراغ والسؤال الكبير‏:‏ تري هل يجود الزمن علينا بأمثال هؤلاء العظام ؟
.............................................
*الأهرام ـ في 10/5/2010م.

عندما يخيِّم الحزن بقلم: د. خالد فهمي إبراهيم

عندما يخيِّم الحزن![03/05/2010][16:35 مكة المكرمة]

د. خالد فهمي

بقلم: د. خالد فهمي إبراهيم



في رثاء الدكتور عبده الراجحي (1937- 2010م)

بعد رحلة عطاء طويلة ومشرِّفة في خدمة العربية، بما هي لغة الكتاب العزيز؛ أسلم الراحل الكريم الدكتور عبده الراجحي روحه إلى بارئها، في صبيحة يوم الإثنين الثاني عشر من شهر جمادى الأولى سنة 1431هـ الموافق للسادس والعشرين من شهر أبريل سنة 2010م عن عمر ناهز الثالثة والسبعين عامًا، قضى ما يقرب من خمسين عامًا منها في خدمة علوم اللسان العربي؛ دارسًا وباحثًا ومؤلفًا ومترجمًا.



والدكتور عبده الراجحي نموذجٌ فذٌّ من الجيل الثاني المؤسس للمعرفة اللغوية في الجامعات المصرية والعربية، وهو الجيل الذي تسلَّم الراية من الجيل الأول؛ جيل الرواد الذي بعث في العلم بلغة العرب روحًا جديدةً عصريةً مرتكزةً على المناهج الحديثة؛ التي سعت إلى إحياء مجد الدراسات اللغوية أو اللسانية العربية، وفحص منجز اللغويين العرب في الميادين كافةً، وعلى اختلاف المستويات الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية والدلالية، وبشكل لم يهمل في الوقت نفسه إخلاص درس الظواهر والمسائل والقضايا المتعلقة بتاريخ علم اللغة عند العرب، والفلسفات الموجهة له، والحاكمة على مسيرته، ومسيرة أعلام الكبار، ومصنفاته المركزية؛ التي تمثل علاماتٍ أساسيةً على طريق دراسة العربية وفقه لغتها دراسةً علميةً منضبطةً.



عبده الراجحي.. سيرة حياة موجزة

والدكتور عبده الراجحي هو عبده علي الراجحي، وُلد في أكتوبر سنة 1937م بمحافظة الدقهلية بالوجه البحري المصري، درس اللغة العربية في قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وتخرج منها حاصلاً على الدرجة العلمية الأولى (الليسانس) بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف سنة 1959م.



ثم واصل دراساته العليا فحصل من الجامعة نفسها على درجة الماجستير في العلوم اللغوية سنة 1963م، بأطروحته عن كتاب "المحتسب" لابن جني، ثم حصل على الدكتوراه سنة 1967م عن اللهجات العربية في القراءات القرآنية.



وكان عقب تخرُّجه قد عيِّن معيدًا سنة 1961م بكليته التي تخرج منها وظل فيها حتى لقي ربه الكريم أستاذًا غير متفرغ، بعد خدمة علمية استمرت ما يقرب من خمسين عامًا.



وكان الراحل الكريم شغل مناصب علمية وإدارية متعددة، أستاذًا ورئيسًا لقسمَي اللغة العربية وقسم الصوتيات بجامعة الإسكندرية، ووكيلاً وعميدًا.



وعرفته الجامعات العربية والعالمية أستاذًا مرموقًا في الدراسات اللغوية، ولا سيما في فرع تأهيل غير الناطقين في ميدان تعلُّم العربية.



كما كان واحدًا من أهم الأساتذة الذين عُنُوا بتحكيم أعمال الأساتذة وترقيتهم في الجامعات المصرية والعربية.



وقد كان لهذا العطاء العلمي رفيع المستوى أثره في اختياره عضوًا في عدد من المؤتمرات العلمية العالمية في اليونان 1979، والرباط 1981م، والكويت 1985م، وماليزيا سنة 1990م، وهو الأمر الذي تُرجم ترجمةً واضحةً في انتخابه عضوًا عاملاً في مجمع الخالدين، مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 2003م، وغيره من المجامع والاتحادات العلمية واللجان.



عبده الراجحي وحصاد عمر حافل بالعلم

وفحص المنجز العلمي للدكتور عبده الراجحي يوقفنا على عدد من علامات التميز المهمة جدًّا في هذا السياق، قائدةً إلى الإقرار بأنه أحد أهمِّ علماء اللغة المعاصرين في مصر والعالم العربي والإسلامي، ليس فقط، وإنما هو واحد من أهمِّ أصوات علم اللغة يدرك حجم الرابطة بين علم اللغة وخدمة القرآن الكريم، وهو الأمر الذي يبتدَّ من خلف أطروحتيه الأساسيتين للماجستير والدكتوراه.



ويمكن توزيع إنتاجه العلمي على المحاور التالية:

أولاً: الدراسات في ميدان علم اللغة، وهو الميدان العلمي الأكبر، الذي مثَّل مساحة جهاده وإنتاجه وحركته العلمية، وقد خلَّف لنا من هذه الدراسات في هذا الميدان ما يلي:

1- منهج ابن جني في كتابه "المحتسب"، الإسكندرية 1959م.

2- اللهجات العربية في القراءات، القاهرة 1968م، وطبعات أخرى كثيرة بالإسكندرية.

3- التطبيق النموي، بيروت 1972م.

4- التطبيق الصرفي، بيروت 1973م.

5- فقه اللغة في الكتب العربية، بيروت 1974م.

6- دروس في شروح الألفية بيروت 1978م.

7- اللغة وعلوم المجتمع، بيروت 1979م.

8- دروس في المذاهب النحوية بيروت 1978م.

9- النحو العربي والدرس الحديث، بيروت 1979م.

10- علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية الرياض 1990م.



وتظهر من هذه القائمة عنايته الظاهرة بالمنجز التراثي في علم اللغة، وإدراكه الواضح للارتباط العضوي بين دراسات علم اللغة والقرآن الكريم بقراءاته المختلفة وما هو ما يظهر في (1، 2) فضلاً عن تقديره الواضح لما قدمه علماؤنا من خدمة اللسان العربي، وهو ما تجلَّى في تعليقاته وتحليلاته لعدد من عيوب مذاهبهم وآرائهم ومصنَّفاتهم على ما يظهر في (5، 6، 8)، ثم عنايته بالتواصل من المنجز العصري وما توصلت إليه المنهجيات المعاصرة في خدمة علم اللغة، وهو ملمحٌ أصيلٌ في الاتجاه الذي تمثله المدرسة الفكرية العربية الإسلامية المنتمية؛ التي لا تتنكَّر للتراث، ولا تهمل المنجز الحديث، وهو ما نراه واضحًا في (7، 9، 10).



على أن التدليل على مسألة انتمائه للمعرفة الإسلامية من بوابة خدمته لعلوم اللسان العربي تظهر- بالإضافة إلى ما مرَّ دراسات توصل لهذا المنحنى- في دراسات أخرى تظهر هذا الوجه على صورة صريحة لا تخطئها عين دارس لجهود عبده الراجحي في هذا الميدان، وهو ما نلحظه في المقالات العلمية (وهي بحوث مطولة):

أ- النحو العربي وأرسطو، اليونان 1979م.

ب- التراث العربي ومناهج علم اللغة، الرباط 1981م.

ج- التحيز في الدرس اللغوي، وهو واحدٌ من أهم بحوث الكتاب الجامع عن إشكالية التحيز، الذي حرَّره المرحوم عبد الوهاب المسيري.



هذه الثلاثة، مع ما سبق الإشارة إليه هنا، دليلٌ قاطعٌ على الروح الإسلامية التي حكمت توجهات عبده الراجحي الإسلامية.



ثانيًا: الكتب العلمية في ميدان تيسير تعليم العربية لأبنائها ولغير أبنائها.. وهناك ملمحٌ أصيلٌ ظاهرٌ جدًّا على عطاء الدكتور عبده الراجحي العلمي، وهو إسهامه المتميز في ميدان تيسير تعليم العربية، وهو يترجم عنه بكتابيه الشائعيْن: التطبيق النحوي والتطبيق الصرفي، وهما (3، 4) في البند (أولاً)، وهو الأمر الذي واصل خدمته تأليفًا في كتابه رقم (10)، بالإضافة إلى ترجمته كتاب (أسس تعليم اللغات وتعلمها)، الذي نشره سنة 1994م، ثم عاد ونشر منه فصلاً مستقلاًّ في كتابه فصول في علم اللغة 1999م، بالإضافة إلى بعض بحوثه في الميدان نفسه، من مثل بحثه (النحو في تعليم العربية لغير الناطقين بها)، ماليزيا 1990م.



ثالثًا: مصنفاته في خدمة الفكرة الإسلامية والعربية.. ومن الحق أن نقرر أنه صحيح أن الدكتور عبده الراجحي عُرف أستاذًا مرموقًا لعلم اللغة في غير ما ميدان من ميادينها، وهو الوجه البارز المعلن لكل من عرف جهاد الراحل الكريم.



ولكن وجهًا آخر زامن بداياته العلمية، تمثل في خدمته للفكرة العربية والإسلامية الساعية إلى تأصيل الهوية، ولا سيما في حقبة تاريخية كان الصراع فيها مع الصهيونية العالمية شديدًا وعنيفًا، وهو ما يمكن أن نلحظه في كتابيه:

أ- الشخصية الإسرائيلية، وهو الذي ظهر بعد أعقاب هزيمة يونيه 1967م، ونشرته دار المعارف بالقاهرة 1968م.

ب- عبد الله بن مسعود، طبعة دار الشعب 1970م.



وهذان المثالان يُظهران الوجه الحقيقي الذي لم يختفِ للمرحوم الدكتور عبده الراجحي رحمه الله، عالمًا لغويًا منتميًا ومتميزًا، ومفكرًا عربيًا وإسلاميًّا، أنتج ما يدل على اشتباكه مع واقع أمته في غير ما لحظة حرجة من تاريخها المعاصر.



عبده الراجحي.. إنسانية راقية

والذين يعرفون الراحل الكريم يقدِّرون فيه أبوَّته الحانية، وإنسانيته المتدفِّقة، يعرفها كل من تعامل معه، أو عاش في الجو والوسط الجامعي المصري، ومما يُعرف عنه حَدَبه وحنوّه مثلاً على الدكتور الطناحي أيام أزمة ترقِّيه أستاذًا، حتى كتب- وقد كان أحد فاحصي إنتاجه- إنه يقف من أعمال الطناحي (وهو الطالب المتقدم للترقية) موقف التلميذ الذي يتعلم (وهذا موقف أستاذ يحكم)، وهو نبلٌ نادرًا ما نقف على مثال له.



ولقد عرفته أنا شخصيًّا من نحو خمس عشرة سنة، وتوطدت علاقتي به من يوم أن ناقشني لدرجة الدكتوراه، وقد كان حفيًّا ودودًا منقذًا من بعض الشر الذي أريد لي.



وقد كان مقررًا أن أشاركه مناقشة رسالة علمية بكلية الآداب بجامعة جنوب الوادي بقنا، بدعوة من الصديق الكريم الأستاذ الدكتور حمدي بخيت عمران، إلا أنه منذ ما يقرب من شهر هاتف الدكتور حمدي واعتذر له عن عدم استطاعته مناقشة الطالبة بعدما وصلته رسالة واستعدَّ لها فلم يشأْ أن يعطِّلها، في واحدة من دلائل إنسانيته وشفافيته في الوقت معًا رحم الله الراجحي أستاذًا وعالمًا ومجاهدًا وإنسانًا راقيًا ونبيلاً.

----------

* كلية الآداب- جامعة المنوفية.

اللغة والفوضي والعنف بقلم: نبيل عبدالفتاح

اللغة والفوضي والعنف
بقلم: نبيل عبدالفتاح

أخطر علامات الفوضي قاطبة هي فوضي اللغة وعنف الأفكار الغائمة والآراء المسطحة التي تعتمد علي الانطباعات السانحة‏,‏ وليس المعلومات الدقيقة‏.‏

تنتاب اللغة كنظام للمعاني والدلالات والمجازات‏,‏ موجات من الوهن الشديد في لحظات التدهور الثقافي والسياسي والتعليمي‏,‏ علي نحو ما نشاهده في اللغة الإعلامية والصحفية‏,‏ وفي الخطاب السياسي والديني الشفاهي والمكتوب‏.‏ خذ ما يقوله بعض السياسيين في الحكم والمعارضة في بعض قضايا الجدل العام‏,‏ ويمكنك أن تلاحظ مدي التدهور اللغوي في المفردات والتراكيب والصياغات المكتوبة أو التي تأتي لحظية وعفو الخاطر وهي حالة تعكس وهن العقل والخيال السياسي السائد‏.‏
الركاكة اللغوية والفقر المعلوماتي‏,‏ وعدم الاحتفاء بالبلاغة السياسية لدي بعضهم هي الوجه الآخر للضعف اللغوي‏.‏ في اللحظات التاريخية التي يسودها سلطان العقل وسلطة المثقف والأكاديمي الحر‏,‏ تنطلق الحريات الفكرية والبحثية وتتطور اللغة وآدابها‏,‏ ويغدو السوق اللغوي مترعا بالثراء في الإنتاج اللغوي‏,‏ وفي إبداع المصطلحات التي توصف الظواهر وتكثفها في بلاغة ودقة وأناقة لغوية واقتصاد دال في المعني‏.‏ اللغة ليست فقط محض وسيلة للتعبير‏,‏ وإنما اللغة هي إنتاج للعالم في مناح شتي‏,‏ في لغة الخاصة من الصفوة‏,‏ ولغة الجمهور وآحاد الناس في الحياة اليومية وفي فضاءات الوظيفة العامة‏,‏ وفي القطاع الخاص‏,‏ وفي الحافلات العامة‏,‏ والشارع‏,‏ وكافة مجالات ومناشط السلوك والفعل الإنساني اليومي‏.‏ من لغة اليومي ومفرداتها وتراكيبها يمكنك أن تتعرف علي مواطن الإبداع والخلل معا في حياة شعب ما ومدي نصيبه من التطور أو التخلف‏,‏ وماهية الأزمات التي تحيط به‏.‏ من المحادثات الشفاهية بين الأشخاص بعضهم بعضا‏,‏ وفي عديد المواقف اليومية يمكنك أن تتعرف علي مدي قدرة الشخص‏_‏ ولا أقول الفرد في الحالة السوسيو‏/‏ لغوية المصرية‏_‏ أو المجموعة في التعبير عن نفسها‏,‏ أو ما يجول في عقلها ووجدانها من أفكار أو مشاعر تريد التعبير عنها‏.‏ يمكنك أن تشعر بالصدمة والخوف والخطر علي العقل الجمعي من مجرد ملاحظة حالة الغموض والابتسار والتناقض وعدم قدرة الشخص أو المجموعة عن التعبير الصحيح عن الرأي‏,‏ أو التعبير الدقيق عن طلب ما‏,‏ أو مشاعر ما إزاء موقف أو رأي أو فعل آخر‏.‏ ما يحدث في البيئة اللغوية المصرية اليومية‏_‏ إذا جاز التعبير وساغ‏_‏ من تعبيرات ومفردات وآراء وأساليب اتصالية‏,‏ ينطوي علي مفارقات تعبيرية تدعو أحيانا للضحك‏,‏ وأحيانا أخري للأسي والحزن الشديد‏.‏
يبدو أن المفارقات التي تنطوي عليها المواقف اللغوية والتعبيرية للأشخاص في الحياة اليومية دفعت بعض مؤلفي ومعدي البرامج إلي تحويل هذه المواقف وردود الأشخاص ولاسيما بعض المتعلمين‏-‏ والأحري غالبهم في أيامنا‏-‏ إلي موضوع للبرامج التلفازية التي تظهر غياب الثقافة العامة والمعلومات الأساسية وركاكة اللغة‏,‏ وعدم قدرة بعضهم علي التعبير عن نفسه أو ما يجول في ذهنه من رأي‏,‏ أو ما يجيش به وجدانه من شعور‏.‏ برامج رمت إلي الكشف عن حالة ضعف اللغة العربية في حياتنا‏,‏ وهو ما يشير إلي حقائق صادمة علي تراجع مستوي التعليم وضعفه الشديد‏,‏ وتدهور مستويات الوعي السياسي أو الاجتماعي أو التاريخي لدي فئات اجتماعية ومهنية عديدة في بلادنا‏.‏
ضعف اللغة وأساليب التعبير اللغوي لدي الجمهور وآحاد الناس هي الوجه الآخر لمشاكل تربوية واجتماعية وسياسية‏,‏ وهي نتاج لاستقالة وسائل الإعلام الجماهيري التقليدية‏,‏ عن القيام بدورها في الارتقاء بمستويات اللغة التي تقدم بها برامجها علي اختلافها للقواعد الاجتماعية العريضة من مستهلكي برامجها‏,‏ ولاسيما المرئية‏.‏
قد يظن بعضهم أن الارتقاء بالذائقة اللغوية للجمهور‏,‏ يعني التفاصح‏,‏ واستخدام المفردات المهجورة أو أساليب التعبير الصعبة‏,‏ علي نحو يؤدي إلي عدم قدرة الرسالة الإعلامية علي الوصول إلي متلقيها‏.‏ بالقطع ثمة تمايز بين اللغة العربية الواضحة والسلسة والبسيطة‏,‏ وبين اللغة العصماء والتراكيب المعقدة التي مجالها الكتابة الأكاديمية أو كتابات المثقفين لبعضهم بعضا‏.‏ نحن نتحدث عن اللغة الوسيطة‏,‏ بين لغة الخاصة ولغة الجمهور‏,‏ والأحري السعي إلي بلاغة البساطة‏,‏ حيث السلاسة والتدفق اللغوي‏,‏ وبساطة التعبير وجمالياته‏,‏ ووضوحه الدلالي‏.‏
للأسف هيمنت لغة عامية دهماوية علي خطاب بعضهم التلفازي والإذاعي‏,‏ ومن ثم لا تستطيع أن تفهم ما الذي يريده مقدم البرامج المرئية أو مذيع البرامج المسموعة بل تخرج اللغة في بعض الأحيان عن نطاق التهذب اللغوي‏.‏ احتلت لغة الشارع المنفلتة لغة بعضهم في بعض برامج الفضائيات‏,‏ ومن الملاحظ أنها أصبحت لغة متفجرة بالعنف والمشاعر المحتقنة‏,‏ ومن ثم باتت أقرب إلي لغة فورات الغضب السياسي أو الديني أو الاجتماعي أو العرقي‏,‏ وليست لغة تفكير ساعية إلي إنتاج المعاني والمطالب والمصالح المشروعة والواضحة‏.‏
ساعدت لغة الفضائيات العنيفة علي اتساع العنف اللغوي‏,‏ ولغة التعميمات والخلط بين الانطباعات والرأي المؤسس علي المعلومات والحجج والبحوث العلمية‏,‏ والدراسات الميدانية حول القضايا والموضوعات التي يجري حولها النقاش‏.‏
بعض المتعلمين والمهنيين يتصورون أن حريتهم في إبداء آراءهم ـ وهذا حق دستوري لا شبهة حول حق كل الناس في التمتع به ـ‏,‏ وبين فرض انطباعات تفتقر إلي التخصص ولغته واصطلاحاته‏,‏ والأخطر الحد الأدني من أصوله كي يجعل الرأي حاملا لصفته‏.‏ الغريب أن بعض هؤلاء يتصورون أن الصوت العالي والعنف حق لهم في إبداء انطباعاتهم غير المتخصصة‏,‏ أو آراءهم المكررة في غالب المواقف والقضايا والندوات والبرامج‏'‏ الحوارية‏'!‏
هذا النمط‏_‏ أصبح هكذا‏_‏ بات شائعا في سوق الندوات والمؤتمرات‏,‏ والأخطر أن بعضهم يطرح انطباعاته الخاطئة دون أن يستمع لرأي أهل التخصص والمعرفة من الحاضرين‏,‏ ومن ثم يبدو هذا النمط من لغة اللغو حاملا لعنف حاد يؤثر علي بيئة الحوار والتواصل بين الخبراء أو الباحثين‏.‏ ظاهرة اعتلال‏,‏ وربما تعود إلي ضعف تقاليد الحوار‏,‏ وتراجع مستويات اللغة‏,‏ والخلط بين حرية التعبير السياسي والمهني والفئوي داخل المنظمات النقابية والروابط والجمعيات‏,‏ وبين مناطحة أهل التخصص والعلم في تخصصاتهم بغير معرفة‏.‏
من مظاهر الخلط بين الحق في التعبير وإبداء الرأي للمواطن في الدولة الحديثة‏,‏ وبين سعي بعضهم من غير المتخصصين في الآداب والفنون واللغات والأساليب السردية‏_‏ في الشعر والرواية والقصة‏..‏ إلخ‏_‏ في فرض آرائهم الفكرية أو الدينية الفقهية أو اللاهوتية أو التأويلية أو الأخلاقية وأحكامهم القيمية علي بعض السرديات‏,‏ دونما سند من لغة التخصص النقدي‏.‏
ما دلالة هذه الظاهرة التي باتت شائعة؟ بوضوح ثمة بعض من غير المتخصصين يحاولون السيطرة الرمزية والسياسية‏_‏ ذات السند الديني التأويلي الوضعي‏_‏ علي الإنتاج السردي والفيلمي في عديد تجلياته‏,‏ والأخطر خلط بعضهم عن عمد أو دونما قصد بين لغة ومنطق السرد التخييلي‏,‏ وبين لغة الواقع‏,‏ وهي نظرة بسيطة تم تجاوزها في النقد وتحليلاته‏,‏ وفي السرد واستراتيجياته‏,‏ وتقنياته وآلياته‏.‏ ثمة فارق مائز بين لغة الواقع اليومي المعاش ولغة السرد‏,‏ لأن السرد حول اليومي ليس إعادة إنتاج له كما يتصور بعضهم‏,‏ وذلك حتي ولو اتخذ الكاتب موضوعه من بعض التفاصيل والجزئيات انطلاقا من المشهد اليومي ولغته وحواسه الفواحة والمترعة بالدنس والآثام‏,‏ والإبداعات والتشوهات والاختلاطات بين أخلاقيات اليومي وتناقضاتها وجمالياتها‏.‏ اليومي والمشهدي والجزئي ـ أيا كان حظه من التطهر أو الدنس ـ في السرديات الجديدة‏_‏ وما قبلها وما بعدها ـ ليس هو بذاته ما حدث ويحدث في الواقع اليومي‏,‏ إنه شيء آخر تماما لغة ورؤية ومجازا‏,‏ ومن ثم لا يصلح لأن نطلق عليه الأحكام القيمية المستمدة من الثنائيات الضدية الشائعة في لغة الجمهور‏,‏ أو بعض الساسة‏,‏ أو رجال الدين‏.‏
هذا النمط من الخلط بين لغة الخطاب النقدي ومقارباته المنهجية والتحليلية‏,‏ وبين لغة بعض رجال الدين أو غير المتخصصين‏,‏ تشيع الفوضي والعنف اللغوي وتراجع العقل في الحياة الفكرية في بلادنا‏,‏ وتفرض قيودا علي سلطان العقل‏,‏ والإبداع‏,‏ بما يؤثر سلبا علي مقومات القوة الناعمة لمصر في إقليمها علي نحو ما نشاهده من تراجع كبير في العقود الأخيرة باستثناءات قليلة في السرد الروائي‏,‏ وإنتاج بعض من كبار المثقفين والنقاد والباحثين‏.‏
يمكنك أن تلاحظ أيضا تراجع بعض المستويات اللغوية لبعض الدعاة في خطابهم علي بعض الفضائيات الدينية‏,‏ أو في كتابات بعضهم‏,‏ حيث يشيع تصور لدي بعضهم أن بعض معرفته الدينية‏/‏ الفقهية واللاهوتية النقلية التي يعيد تكرارها‏,‏ تعني أنه قادر علي الافتاء في جميع القضايا والمشاكل والأمور دونما تخصص وظيفي ومهني وفني فيما يتناوله من أمور‏,‏ وأنه يكفي لتسويغ رأيه الافتائي أن يشير إلي بعض المرويات والمأثورات الشعبية الشائعة‏,‏ أو بعض ما يرد في الصحف من أخبار أو نقول أو ما يشاع عنها لدي بعض الجمهور‏.‏ يمكنك أن تلاحظ أيضا مستوي التراجع اللغوي لبعضهم وقارن بينه‏,‏ وبين بلاغة ورصانة بعض من كبار رجال الفقه والدعوة وأصول الدين أو اللاهوت ممن لعبوا دورا هاما في تطور المعرفة الدينية الإسلامية والمسيحية في بلادنا‏,‏ في مرحلة تطورها الاجتماعي والسياسي والصناعي‏.‏ التدهور اللغوي لدي بعضهم في خطابه الديني هو الوجه الآخر لفوضي اللغة واختلاط مجالات التخصص‏,‏ ونزعة وسلطة الافتاء في كل شيء من الجمهور‏,‏ ومن بعض رجال الدين الإسلامي والمسيحي‏,‏ وهو ما يشير إلي تراجع مستوي المعرفة والوعي لدي غالب الجمهور‏.‏
لغة الفوضي هي أحد وجوه فوضي اللغة‏,‏ والفوضي في الحياة اليومية واضطراب الحياة الروحية والدينية لغالب المصريين‏,‏ والفوضي والفساد في السياسة‏,‏ وضعف الوازعات الخلقية والقانونية‏,‏ والتفسخ الاجتماعي والفساد في اللغة‏,‏ ولغة الفساد‏,‏ وشيوع العنف في الواقع‏,‏ والعنف في اللغة وبها وتأثيره السلبي رالخطير علي حياتنا‏!‏

عبده الراجحي والجائزة التقديرية بقلم: د. محمد الجوادى

عبده الراجحي والجائزة التقديرية
بقلم: د. محمد الجوادى

علي عادة المجتمع الثقافي المصري في تعويض بعض الجحود ببعض الانصاف جاء فوز الدكتور عبده الراجحي بجائزة الدولة التقديرية في الآداب بعد ان اصر مجلس جامعة الاسكندرية الموقر علي ترشيحه طيلة السنوات الماضية‏.‏ ولئن فاتني رثاء ذلك العالم الجليل بسبب مرضي فها هو الواجب يتاح لي ان اتحدث عما عرفته فيه‏.‏

عرفت في الدكتور عبده الراجحي العالم الجليل الذي امتد بعلمه إلي آفاق متعددة غذاها بدرسه وبحثه‏,‏ وأضاف إليها من آرائه الأصيلة ونظراته الثاقبة‏,‏ وعرفت فيه العناية بما يبحث فيه‏,‏ وعشق ما يضيف إليه‏,‏ وعرفت فيه حبه للتجديد في غير تعسف‏,‏ وللفهم في غير تزيد‏.‏
كانت أحكامه دقيقة وصائبة ومستوعبة‏.‏ درس الحياة المعجمية في الحضارات الانجلوسكسونية دراسة باحث متأمل حفي باكتناف دور الحضارة‏,‏ وفهم دور المؤسسة‏,‏ وعيوب الانسانية ومزاياها أيضا‏,‏ وإدراك حقيقة الموارد البشرية وإمكاناتها المحدودة التي تستحيل لا نهائية إذا ما نظمها المنهج والتخطيط‏.‏
كان الدكتور عبده الراجحي يحب ان يكون واحدا من جماعة مع أنه كان شيخ طريقة تميزت بالأمانة والإخلاص والدأب والتفاني في المحبوب‏,‏ وكان يحب ان يكون صاحب رأي قابل للأخذ والرد‏,‏ مع أن آراءه كانت تعلو علي الرد‏,‏ وإن عانت من الأخذ الذي تعاني منه آراء كل عالم لايري آراءه حكرا عليه مادام يعرف أن جموع الباحثين يعرفون بصمته ويدركونها مهما أخفاها الناقلون من المستليذين بصمته‏.‏
كان الدكتور عبده الراجحي وطنيا من طراز فريد‏..‏ أعطي وطنه دراسات مبكرة عن الصهيونية‏,‏ ولا يزال كتابه عن الشخصية الإسرائيلية مصدر إلهام وتوجيه‏,‏ وأتيح له أن ينشر هذه الآراء قبل أن يصبح الموضوع ميدانا لإبراز القدرات‏,‏ بل وقبل ان يصبح ميدانا للتكسب والتربح وبناء الأمجاد الوطنية والمعرفية‏,‏ ولا نقلل من جهد الذين بذلوا جهدهم في هذا المجال من أساتذة اللغات‏,‏ لكن عبده الراجحي كان يتفوق علي أبرز اثنين منهم بريادته المبكرة‏,‏ وفهمه الإنساني العميق للدوافع والغايات بعيدا عن التنظير المتعمد‏,‏ والتحبير المتوسع‏.‏
عاش الدكتور عبده الراجحي حياته يظل بعلمه أبناءه في مصر وفي غير مصر‏,‏ وكان من أبرز أعمدة جامعة بيروت العربية‏,‏ وأتاح وجوده المتصل فيها لمناهج اللغة العربية ان تنافس من حيث الجودة والمصداقية في وسط منافسة شرسة‏,‏ ومع انتشار الحديث عن اضمحلال التأثير المصري في الثقافة العربية والتكوين الجامعي‏,‏ كان عبده الراجحي يضاعف من هذا التأثير في بيروت والشام جميعا وكان وجوده الدائب في قلب التعليم الجامعي العربي إشعاعا مصريا حفظ لمصر مكانتها في الدراسات العربية‏,‏ والدرس اللغوي المستنير‏.‏
كان الدكتور عبده الراجحي محبا لتلاميذه‏,‏ عاملا علي تشجيعهم حتي وهم في أرفع المناصب‏,‏ لكنه لم يكن يبخل بعلم ولا عون علي ذي حاجة‏,‏ ولا علي ذي نفوذ‏,‏ وكان يتجشم السفر إلي الصعيد ليدعم أبناءه هناك بشخصه وعلمه وفضله‏,‏ وقد كان من حسن حظي أن شرفت برفقته في ندوة كلية دار العلوم في المنيا‏.‏
كان الدكتور عبده الراجحي يحظي بالإجماع علي فضله وعلمه وحبه‏,‏ لا أجد وصفا يصف خسارتنا فيه غير قول رسول الله صلي الله عليه وسلم‏:‏ إن الله لا يأخذ العلم ينتزعه انتزاعا‏,‏ لكنه يأخذه بقبض العلماء‏.‏



المزيد من مقالات د. محمد الجوادى

كنز ثمين سمين لسمي البخاري رحمه الله

أعرف قدر العالم الجليل الشيخ : محمد إسماعيل المقدم ،لكن لم يدر بخلدي هذا التوثيق الرائع لمادته العلمية الصوتية و التي هي أشبه ما يكون بأمواج البحر كلما تنقضي موجه تبعتها أخرى ، لن أطيل على نفسي بالكلام ولنتجه لهذا الكنز نرتشف منه على قدر تحملنا ،و العنوان