الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

الأستاذ الدكتور: محمد أحمد خاطر

من أعلام الأزهر

الأستاذ الدكتور محمد أحمد خاطر

للدكتور علي إبراهيم محمد

أستاذ أصول اللغة

في كلية اللغة العربية بالقاهرة

جامعة الأزهر
 
( نقلا عن مدونة الدكتور: علي إبراهيم)










الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام الأتمان على خير خلق الله – تعالى – أجمعين سيدنا محمد بن عبد الله النبي الأمي الكريم ، وعلى آله ، وأصحابه ، وأزواجه ، وذرياته ، وأتباعه ، ومن سلك مسلكه ونهج منهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين . وبعد …

فقد كان من المخطط له أن تكون هذه الصفحات عن شيخنا أكثر من هذا لكي تستوعب الحديث عن كل أعماله وتتسع للحديث عن هذه الأعمال بتفصيل وتوضيح أكثر من هذا الذي بين يدي القارئ الآن ، لكن ترتيب الله – تعالى – أراد لهذه الصفحات أن تخرج في هذا الحجم لأنني عرضت الكتابة عن شيخنا على أحد أبنائنا طلاب الدراسات العليا في قسم أصول اللغة في كلية اللغة العربية بالقاهرة في شكل رسالة تسجل للحصول على درجة التخصص " الماجستير " فوافق على الفور فأردت أن أدخر ما أردت أن يُبسط على هذه الصفحات حتى تبرز هذه الرسالة جهود شيخنا بشكل يتناسب وما قدمه للغة العربية والقراءات القرآنية .


يعد أستاذنا الدكتور الشيخ محمد أحمد خاطر واحدًا من أبرز رجالات الفكر اللغوي في العصر الحديث الذين عاشوا حياة علمية ذات منهجية دقيقة ، وهو واحد من الذين يعملون في صمت ونكران ذات ابتغاء ما عند الله – تعالى – نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله - يشهد لذلك ما خلَّفه من تراث علمي رائع في الدراسات اللغوية والقراءات القرآنية ، وإن كان قليل العدد لكنه جم الفائدة عظيم الأثر ، كما أن محاضراته التي ألقاها على طلابه في الدراسات العليا في جامعة الأزهر ، وفي جامعة أم القرى مما يبين منهجية هذا العالم الجليل ، كما يبرز ذلك الرسائل العلمية التي أشرف عليها أو ناقشها في جامعتي الأزهر وأم القرى ، والأبحاث التي حكمها للنشر في مجلات علمية ، أو للترقية إلى درجات علمية ، أو تلبية لرغبة تلاميذه في الإفادة من خبراته وتوجيهات العلمية الدقيقة . ومن هذا الأخير ما رجوته فيه فلبى الرجاء حيث أرسلت إلى فضيلته بحثًا بعنوان : " أحكام نون الوقاية التركيبية من منظور علم الصوتيات " وهو في أم القرى في سنة 2006 م للإفادة من تعليقاته عليه فقرأه – رحمه الله – وأرسله إليَّ مشفوعًا بملحوظاته السديدة التي تستحق أن تكتب بماء الذهب .

وقد عرفت أستاذي من قبل هذا – رحمه الله تعالى – وأنا طالب في الدراسات العليا وبالتحديد في مرحلة تمهيدي الماجستير حيث درَّس لي مادة اللهجات العربية وكان – رحمه الله – بحرًا في علمه أفاض الله عليه من العلم كثيرًا .

وشيخنا هو الإمام اللغوي الأريب المدقق بحر علوم اللغة والقراءات القرآنية الفياض العابد الزاهد التقي النقي الأستاذ الدكتور محمد أحمد السيد محمود خاطر أستاذ أصول اللغة في كلية اللغة العربية بالقاهرة سابقًا ,وأستاذ الدراسات العليا في جامعة أم القرى ولد في قرية بلتان التابعة لمركز طوخ محافظة القليوبية في العاشر من شهر مايو سنة أربعين وتسعمائة وألف للميلاد .

حصل على الإجازة العالية " الليسانس " من كلية اللغة العربية بالقاهرة الشعبة اللغوية جامعة الأزهر سنة خمس وستين وتسعمائة وألف للميلاد بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى .

وحصل على درجة التخصص " الماجستير " من قسم أصول اللغة بالكلية ذاتها في سبتمبر سنة سبع وستين وتسعمائة وألف للميلاد بتقدير جيد جدًّا .

وحصل على درجة العالمية " الدكتوراه " من القسم نفسه والكلية ذاتها سنة سبع وسبعين وتسعمائة وألف للميلاد بتقدير مرتبة الشرف الأولى .

تم تعينه بعد حصوله على الإجازة العالية " الليسانس " في الثلاثين من شهر سبتمبر سنة خمس وستين وتسعمائة وألف للميلاد بمديرية التربية والتعليم بالفيوم مدرسًا للغة العربية وظل في هذه الوظيفة حتى أخلى طرفه منها في السابع من شهر يوليو سنة تسع وستين وتسعمائة وألف للميلاد ليعين معيدًا في كلية اللغة العربية بالقاهرة حيث تسلم العمل في هذه الوظيفة في الرابع عشر من شهر يوليو سنة تسع وستين وتسعمائة وألف للميلاد ، ثم عين مدرسًا مساعدًا في كلية اللغة العربية بالقاهرة بتاريخ الخامس من شهر أكتوبر سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة وألف للميلاد ؛ أي بعد حصوله على درجة التخصص " الماجستير " بنحو خمس سنوات وظل مدرسًا مساعدًا حتى الخامس من شهر إبريل سنة سبع وسبعين وتسعمائة وألف للميلاد .

ورقي إلى درجة مدرس في السادس من شهر إبريل سنة سبع وسبعين وتسعمائة وألف للميلاد وظل في هذه الدرجة حتى الثامن من شهر مارس سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة وألف للميلاد .

ثم رقي إلى درجة أستاذ مساعد في التاسع من شهر مارس سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة وألف للميلاد ، وظل بها حتى الرابع من شهر سبتمبر سنة تسعين وتسعمائة وألف للميلاد .

ثم رقي إلى درجة أستاذ في الخامس من شهر سبتمبر سنة تسعين وتسعمائة وألف للميلاد ، وظل على هذه الدرجة حتى استقال من كلية اللغة العربية بالقاهرة في السابع عشر من شهر أغسطس سنة خمس وتسعين وتسعمائة وألف للميلاد بسبب استمراره في العمل في جامعة أم القرى .

ثم عاد إلى مصر سنة سبع وتسعين وتسعمائة للميلاد وطلب منه أعضاء هيئة التدريس في قسم أصول اللغة بكلية اللغة العربية بالقاهرة جامعة الأزهر العودة للقسم للإفادة من علمه وخُلقه فتقدم بطلب إلى القسم ووافق القسم على عودته وسررنا لذلك غير أن قرارًا صدر من شيخ الأزهر السابق آنذاك بتعيين العائدين المستقيلين من الأساتذة في الأقاليم فصُدمنا بسبب هذا القرار وحُرِم القسم من جهود الشيخ وبركاته فعمل في كلية الدراسات الإسلامية والعربية – بنات – بني سويف جامعة الأزهر:

أستاذًا لأصول اللغة من الثامن من شهر أكتوبر سنة سبع وتسعين وتسعمائة وألف للميلاد حتى عُين عميدًا لهذه الكلية في سنة ثمان وتسعين وتسعمائة وألف للميلاد ، وظل في منصب العميد حتى بلع سن التقاعد في العاشر من شهر مايو سنة خمس وألفين للميلاد ، ثم عاد لجوار بيت الله الحرام في جامعة أم القرى فور خروجه لسن التقاعد في سنة خمس وألفين للميلاد .

سفره

عمل الشيخ – رحمه الله تعالى - بالمملكة العربية السعودية في كلية الشريعة بمكة – فرع جامعة الملك عبد العزيز أستاذًا مساعدًا في العام الجامعي 1400-1401هـ .

وعمل في كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى أستاذًا مساعدًا في الفترة من : 1402 إلى 1404هـ .

وعمل في كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى أستاذًا مشاركًا في الفترة من 1410 إلى 1417هـ .

وعمل في كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى أستاذًا في الفترة من 1425- حتى تاريخ وفاته في 17 / رجب / 1432 هـ .

النتاج العلمي :

1- الإبدال اللغوي – بحث تكميلي لدرجة التخصص (الماجستير) : مرقوم على الآلة الكاتبة - 1967م ذكره موقع جامعة أم القرى بمكة المكرمة في السيرة الذاتية لشيخنا .

2- دراسة في الصيغ العربية – أصولها ، تطورها ، علاقتها بالمعنى – رسالة العالمية " الدكتوراه " وهي بإشراف الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد نجا ، وتحمل تاريخ 1396 هـ - 1976 م ، وتوجد منها نسخة مكتوبة على الآلة الكاتبة في مكتبة الرسائل في كلية اللغة العربية بالقاهرة جامعة الأزهر تحت رقم 937 قديم ، و 3451 جديد .

تقع هذه الرسالة في مجلدين كبيرين يضم المجلد الأول ستًّا وأربعين وسبعمائة صفحة ، والمجلد الآخر اثنتين وثمانين وسبعمائة صفحة .

وتتكون الرسالة من تقديم ، وقسمين ، وفهارس ، أما التقديم فقد تحدث فيه شيخنا عن هدف الرسالة وهو " دراسة الصيغ العربية السماعية : تكونًا وتطورًا ودلالة " . ([1])

ثم المنشود من هذه الرسالة وهو أربعة أمور هي :

= إعداد هذه الصيغ للتنمية اللغوية بتحديد ما جاءت له من المعاني ، وما يستتبع ذلك من إمكانية القياس فيها ، والاستفادة بذلك في الوفاء بمطالب لغوية متجددة نعاني من العجز حيالها بالوضع الجديد أو الترجمة .

= تحديد أكثر الصيغ استعمالا ، وأشهر معانيها ، ووضع أسس نسترشد بها في الحكم على قدم الصيغة أو حدوثها ، والاهتداء بذلك في توجيه دراسة اللغة وتيسيرها بتقديم الأهم فالمهم ، والأكثر فالكثير ، وفي وضع المعاجم المتنوعة … ثم الاستعانة بنتائج ذلك في تذليل العربية للتعامل مع الآلة في ترجمة أو غيرها .

= وضع أساس من اللغة للاحتكام فيما يضطرب به ميدان الدراسات اللغوية من آراء تتصل بهذه القضايا .

= إمكانية التمييز بين الصيغ الأصلية في العربية والصيغ الدخيلة فيها ، وذلك يضمن لنا أن نبني – عند الحاجة – على الأولى دون الثانية ، فنصون لغتنا . ([2])

ثم تحدث عن مصادر مادته العلمية تحت ما سماه : " العدة " فقال وكانت الاستعانة في الساميات ببعض ما تيسرت دراسته والحصول عليه ، وفي المعربات بمجموعة من المصادر التي عالجت المعرب ، وفي العاميات بمجموعة تناولتها متنوعة زمانًا ومكانًا ، وفي العربية كان الاعتماد على لسان العرب لابن منظور " . ([3])

ثم تحدث عن خطته تحت ما سماه : " التنفيذ " فقال : ومن جوهر هذا الهدف كان الاتجاه إلى الإحصاء ، وفي إطاره جاءت الدراسة في قسمين : الأول مدخل وتمهيد للثاني ، وقد جاء في بابين الأول مكونات الصيغ في فصلين أحدهما عن الحروف ، والثاني عن الحركات … ، وتناول الباب الثاني ثلاث قضايا : نشأة الألفاظ العربية وأصول الصيغ ، نظرية الثنائية ، علاقة اللفظ بالمعنى . وفي القسم الثاني تُنولت الصيغ بالدراسة التحليلية مع ترتيبها عدديًّا ثلاثية فرباعية …إلخ وجاء في ستة أبواب كل في باب ، ثم تحدث عن الصعوبات التي واجهته في سبيل إعداد هذه الدراسة التي منها صعوبة إعداد الجداول وغرها مما ذكره ، ثم تحدث عن ما تحقق في هذه الرسالة وما لم يتحقق ، ثم تحدث عن بعض النقود التي يمكن أن توجه إلى هذا العمل وذكر الرد عليها ، ثم ختم هذا التقديم بكلمة شكر لبعض من قدموا يد العون .

وبعد هذا التقديم يأتي القسم الأول ببابيه الأول والثاني وبنهاية الباب الثاني ينتهي القسم الأول من هذه الرسالة .

يلي ذلك القسم الثاني من الرسالة الذي يأتي في شكل ستة أبواب درس في كل باب صيغة من صيغ العربية الست ، ففي الباب الأول درس الصيغ الثلاثية ، وفي الباب الثاني درس الصيغ الرباعية ، وفي الباب الثالث درس الصيغ الخماسية ، وفي الباب الرابع درس الصيغ السداسية ، وفي الباب الخامس درس الصيغ السباعية ، وفي الباب السادس درس الصيغ الثمانية .

ويأتي بعد الباب السادس مراجع الرسالة ، ثم فهرس الأبواب والموضوعات . وذكر في نهاية هذا الفهرس أن هناك ملاحق مخطوطة ، وفهارس تفصيلية مخطوطة . ([4])

ولهذه الرسالة أهداف نبيلة في خدمة العربية لغة القرآن الكريم . ومن على هذه الصفحات أوجه نداءً لأسرة الشيخ أن يجاهدوا من أجل طباعة هذا العمل العلمي ليرى النور وليتم النفع به ، كما أوجه نداءً إلى المسئولين في كلية اللغة العربية بالقاهرة أن يكون لها دور في إخراج هذا السفر إلى النور من خلال تقديمه لمجمع اللغة العربية بالقاهرة مشفوعًا بتزكية ودعوة المجمع للقيام بطبعه . وكلنا أمل في أن تلقى هذه الرسالة اهتمام المجمع بها وطبعها على نفقته لما فيها من نفع عظيم للغتنا العربية .

البحوث المنشورة :

1- الظواهر اللهجية في المصباح المنير إحصاء وتأصيل وتحليل ، بحث منشور في مجلة كلية اللغة العربية بالقاهرة – جامعة الأزهر . العدد الثالث 1405 هـ - 1985 م ، ويقع في الصفحات من 161 – 209 وفي آخره أشار أستاذنا إلى أن له تتمة .

وبدأ الشيخ هذا البحث بحمد الله – تعالى ، ثم الصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد ومن تبع هداه ، ثم تحدث عن قيمة المصباح المنير وطبعاته ، وعن عمله في هذا البحث الذي أشار إلى أنه سيكون على مراحل تتمثل في دراسة الظواهر اللهجية في هذا الكتاب دراسة تبدأ بالعرض والإحصاء ، فالتأصيل ، فالدراسة والتحليل .

وما جاء في هذا العدد من المجلة هو العرض والإحصاء حيث يقول شيخنا : " وما بين يديك كلام الفيومي بلفظه – في هذا المقال – " . ([5])

وقد اقتصر الشيخ على النصوص اللهجية المنسوبة ورتبها ترتيبًا أساسيًّا على الترتيب الألفبائي حسب القبيلة الناطقة بالنص اللهجي ، وبدأها بأزد الشنوءة وختمها باليمن ، ورتبها ترتيبًا آخر داخليًّا حسب مستويات اللغة الصوتية والصرفية والتركيبية ، وأعطى كل مستوى رقمًا ، فالنص اللهجي المنتمي للأصوات يأخذ الرقم 1 ، والنص اللهجي المتصل بالأبنية يحمل الرقم 2 ، والنص المتصل بالتراكيب يحمل الرقم 3 ، وقد بلغت النصوص اللهجية في هذا البحث نحو مائتين وخمسين نصًّا منسوبة إلى سبعة وأربعين صاحب لهجة على النحو الآتي :



م
صاحب النص
العدد
م
صاحب النص
العدد
م
صاحب النص
العدد
1
أزد شنوءة
1
16
ربيعة " بنو "
1
32
قضاعة
2
2
أسد
15
17
السواد
" كلام أهل "
1
33
قيس
" بعض "
8
3
الأمصار " أهل "
2
18
الشام
7
34
قيس عيلان " بعض "
2
4
البحرين " أهل "
2
19
شهل
1
35
كعب" بنو "
3
5
البصرة
" أهل "
2
20
طيئ
6
36
كلاب"بنو "
7
6
بكر بن وائل
2
21
العالية "أهل "
8
37
كنانة " بنو "
2
7
تميم " بنو "
50
22
عامر
" بنو "
5
38
المدينة
" أهل "
3
8
تهامة
" أهل "
4
23
عجل
"بنو "
1
39
مضر " عليا ..سفلى "
1
9
جذام
1
24
عدي الرباب
1
40
مكة " أهل "
2
10
الحارث بن كعب
2
25
العراق
" أهل "
4
41
مهرة
" أهل "
1
11
الحاضرة ، الحضر
2
26
عقيل
" بنو "
7
42
النبي – صلى الله عليه وسلم -
1
12
الحجاز " أهل "
50
27
عكل
" بعض "
2
43
نجد " أهل "
14
13
الحرم
" أهل "
1
28
عمان
" أهل"
1
44
النخع
1
14
حمير
2
29
العنبر
" بلعنبر "
1
45
هذيل
" بنو "
8
15
خثعم
1
30
قريش
4
46
اليمامة
1
31
قشير
" بنو "
1
47
اليمن
" أهل "
16


2- إتباع الحركة في القراءات ، بحث منشور في مجلة كلية اللغة العربية بالقاهرة – جامعة الأزهر العدد الثامن 1410 هـ - 1990 م ويقع في سبع وأربعين صفحة في الصفحات من 3 – 49 .

وقد بدأ شيخي هذا البحث بتعريف الإتباع في اللغة وفي الاصطلاح وهنا ذكر تعريف ابن فارس للإتباع ، ثم تحدث عن إتباع الكلمة وإتباع الحركة ، وذكر أنه يقصد في بحثه دراسة إتباع الحركة فقال : وهناك ضرب آخر من الإتباع وهو : أن تتبع الحركة أو السكون حركة أخرى سابقة أو لاحقة فتغير عما حقها أن تكون عليه لتماثل الحركة المتبوعة … وهذا الضرب هو المقصود بهذا البحث ، ويمكن أن نطلق عليه " إتباع الحركة " تخصيصًا له . ([6])

ثم تحدث الشيخ في هذا البحث عن الإتباع عند المتقدمين والمعاصرين وهنا بين اهتمام العلماء القدامى بإتباع الكلمة بداية من سيبويه الذي أشار إليه في مواطن من كتابه ، ومرورًا بالعلماء الذين اهتموا به فعقدوا له مباحث في مصنفاتهم ، أو صنفوا رسائل مفردة جمعت فيها الاستعمالات التي جاءت من أساليبه كالكسائي ، والفراء ، وأبي عبيد ، وثعلب ، وابن دريد ، والفارابي ، وأبي علي القالي ، وابن فارس ، والجوهري ، والثعالبي ، وابن سيده ، وابن الدهان .

أما إتباع الحركة فذكر أن القدامى لم يهتموا به ، وإنما أشاروا إليه إشارات مفردة متناثرة لم يجمعها باب ولا مبحث ، وذكر أن أوسع ما خلفه المتقدمون فيه ما جمعه ابن جني في الخصائص في باب الساكن والمتحرك وفيه جماع ما ذكره في المواضع الأخرى وزيادة عليه .

وعن جهود المعاصرين في دراسة الإتباع ذكر الشيخ أن من تحدث عن الإتباع من المعاصرين ردد ما قرره المتقدمون في إتباع الكلمة ، ولا يكادون يعنون بإتباع غيره ، ومنهم من جعله في الحركات شاملا لإتباع الحركة وغيره .

وذكر أن من تحدث منهم عنه في دراسة الصوائت قصره على إتباع الحركة ، وعدوه ضربًا مما سموه المماثلة التي غلب استعمالها في مقابل essimilation ، وبعضهم وضع في مقابل ذلك الترجمة " بالانسجام الصوتي في أصوات اللغة " ، وبعضهم سمى إتباع الحركة " الانسجام المدي " في مقابل " vowel harmooy ويرى أستاذنا أن كل هذا لا يعد بحثًا لإتباع الحركة ، إنما هي إشارات سريعة مقتضبة . ([7])

ثم أردف ذلك الحديث عن الإتباع في القراءات القرآنية ، وقد اقتصر من صور الإتباع على ما أشار أحد مصادر البحث إليه أنه من الإتباع ، ومصادره التي نص عليها هي : إعراب القرآن للنحاس ، ومختصر في شواذ القرآن لابن خالويه ، وشواذ القراءة للكرماني ، والبحر المحيط لأبي حيان .

أما جهات الإتباع التي عني بدراستها فهي : نوع الحركة التابعة والمتبوعة ، ورتبة كلتيهما بالنسبة لصاحبتها تقدمًا وتأخرًا ، واتصالهما أو الفصل بينهما بساكن ، وموضعهما من الكلمة : أفي صيغة اسم أو فعل أصلية أو فرعية ؟ أو في حركة إعراب أو بناء ؟ أو في حرف بنية لا يدخل في الأبنية ؟ أو في حركة التقاء ساكنين ؟ ومن وقع الإتباع في قراءته ؟ ودرجة شيوع صوره المختلفة . ([8])

وتتجلى في حدود دراسة شيخنا لإتباع الحركة في القراءات القرآنية حقائق منها :

= أن إتباع السكون للحركة أكثر من إتباع الحركة للحركة من حيث عدد

الشواهد وتنوع الظواهر والمواضع .

= أن إتباع السكون للضمة أكثر من إتباعه للفتحة وأن إتباعه للكسرة نادر .

الاثنين، 25 يوليو 2011

استراحة محارب


كتبهاmohammad hawa ، في 27 فبراير 2010 الساعة: 07:25 ص

استراحة محارب
د. محمد محمود حوا

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ - أَوْ شَابًّا - فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَ عَنْهَا - أَوْ عَنْهُ - فَقَالُوا مَاتَ. قَالَ « أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِى ». قَالَ فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا - أَوْ أَمْرَهُ - فَقَالَ « دُلُّونِى عَلَى قَبْرِهِ ». فَدَلُّوهُ فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ « إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاَتِى عَلَيْهِمْ » [رواه البخاري ومسلم واللفظ له].
صلى الله عليك يا خير البشر، يجمع/تجمع القمامة لا يأبه به/بها أحد، يصلي عليه/عليها خير خلق الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدعو له /لها.
هنيئاً لها.
أين المحارب في الموضوع وأين الاستراحة؟
إليكم القصة
ذات يوم كنت عائداً من أحدى المناسبات مع أهلي وكنت قد اتفقت معها أن نخرج من الحفل الساعة الثانية عشرة كحد أقصى [ديمقراطية يعني]، سواء وضع العشاء أو لم يوضع لأن مناسباتنا صارت مضيعة للوقت في أغلب الأحيان، ولو لم يكن فيها من سوء سوى احتمال ضياع صلاة الفجر بسبب السهر، لكان سببا كافيا وشرعياً في عدم الحضور.
وفعلاً خرجنا من الحفل دون عشاء، فأردت أن أقف على كفتيريا لآخذ عشاء نتناوله في السيارة استثماراً للوقت ريثما نصل المنزل.
وقفت أمام كفتيريا واشتريت منها ما أريد وخرجت، وعلى حافة الرصيف رأيت؟
ماذا رأيت؟ ويا لعظمة ما رأيت! ويا لغرابة ما رأيت!
في منتصف الليل، على حافة رصيف، بجوار عربة متهالكة من كثرة البحث عن علب البيبسي والكراتين الفارغة جلست تلك المرأة السوداء في لون بشرتها لترتاح، وحق لها أن ترتاح، فمن يعرف حر جدة في الصيف ورطوبتها وصعوبة الجو فيها يدرك ذلك، فكيف بمن تجول طوال النهار لتبحث في حاويات القمامة لتجد علبة معدنية أو صندوقا كرتونياً لتجمع ذلك كله وتبيعه ببضعة ريالات لا تكاد تسد جوعاً ولا تكسو عارياً؟ لكنها الحياة صعبة -كما يقول البعض- ونحن الذين جعلناها صعبة ببعدنا عن منهج الله في إخراج الزكاة وتوزيع الصدقات.
ما الغريب في هذا المنظر وهو يتكرر في جدة ومكة كثيراً؟
الغريب أني رأيت ما لم أكن أتوقعه.
ماذا تتوقع أني رأيت؟
ركبت السيارة وسلمت على الأهل، وقلت لها ماذا رأيت؟
قلت إن المرأة سوداء البشرة ، نعم لكنها بيضاء القلب مؤمنة صالحة فيما أحسب.
لقد جلست لترتاح على الرصيف، وإذا بها تخرج من داخل عباءتها المهلهلة جزءا من القرآن، وقد تفككت صفحاته من كثرة القراءة، أخرجت ذلك الجزء وجلست تقرأ وتتبع الكلمات بإصبعها فهي فيما يبدو إفريقية غير عربية.
سوداء، في ليل مظلم تنير قلبها ودربها بكتاب ربها.
ركبت السيارة وسلمت على الأهل، ونظرت إلى تلك المرأة وقلت لأهلي أتدرين ماذا تفعل هذه المرأة التي على الرصيف؟ إنها تقرأ القرآن، فلم تتمالك دمعتها.
حقاً: حال هذه المرأة فيما أحسب والعلم عند الله - كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من أمتى من لو جاء أحدَكم يسأله دينارا لم يعطه، ولو سأله درهما لم يعطه، ولو سأله فلسا لم يعطه، ولو سأل الله الجنة أعطاه إياها، ذى طمرين لو أقسم على الله لأبره) [رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح)
فأين شباب وفتيات الإسلام، يتعبون من التسكع والفراغ، ويطفشون من اللهو والعبث، ثم لا تجد لكتاب ربهم في حياتهم نصيباً إلا ما هو مقرر في المدرسة إلا ما رحم ربي.
هلاً حاربنا شهواتنا ونزواتنا وشياطين الجن والإنس فينا، لنرتاح "استراحة محارب" مع كتاب الله وبين يدي الله.
أتمنى ذلك، وما ذلك على الله بعزيز.

الاثنين، 21 فبراير 2011

الدعوة بالابتسامة

من الرائع أن نطور أنفسنا و ندعو إلى الله بالوجه الطلق البسوم ، ومن تجربة واقعية مع طلاب صفي وجدتهم شديدي الانجذاب لهذا الشيخ الجليل ، و على صعيد آخر قدمت لهم علماء آخرين لكن ظهر فرق كبير في مدي تتبع الطلاب لكلا الجانبين ، فلننتبه لهذا الفرق.

الاثنين، 8 نوفمبر 2010

مسابقــــة التحقيق الصحفي المصور

مسابقــــة التحقيق الصحفي المصور
برعاية - جامعة الجزيرة ـ دبي
تعريف التحقيق الصحفي :
يقوم التحقيق الصحفي على خبر أو فكرة أو مشكلة أو قضية يلتقطها الصحفي من المجتمع الذي يعيش فيه ثم يقوم بجمع مادة الموضوع بما يتضمنه من بيانات أو معلومات أو آراء ثم يزاوج بينها للوصول إلى الحل الذي يراه صالحاً لعلاج المشكلة أو القضية أو الفكرة التي يطرحها التحقيق الصحفي .
فالتحقيق الصحفي يشرح ويفسر ويبحث في الأسباب والعوامل الاجتماعية أو المشكلة أو الفكرة أو الظاهرة التي يدور حولها التحقيق .
وهو كفنً يشتمل على بقية الفنون الصحفية الأخرى ، كالخبر ، أو الحديث ، أو الرأي ، أو الاستفتاء ، أو البحث ، بجانب أنه كثيراً ما يستعين بالصور الفوتوغرافية والرسوم .
والتحقيق الصحفي يلبي وظائف الصحافة الأساسية في الإعلام وتفسير الأنباء والتوجيه والإرشاد والتسلية والإمتاع .. والحياة الاجتماعية هي التي تقدم للمحقق الصحفي الموضوعات التي يكتب عنها مثل الأخبار الهامة أو مما تذيعه الإذاعة ، أو التلفزيون من أخبار في برامجها المختلفة وأخيراً فإن الرحلات والحفلات والمهرجانات وكل ما من شأنه أن يعبر عن الحياة الاجتماعية المدرسية يعتبر مصدراً أساسياً من مصادر التحقيق الصحفي .
كتابة التحقيق الصحفي :
يتكون التحقيق الصحفي من ثلاثة أجزاء :
المقدمة :
وفيها يعرض المحرر وبشكل موضوعي القضية أو المشكلة التي يتناولها التحقيق ويحرص فيها على إثارة اهتمام القراء بالموضوع .. وتأخذ المقدمة عدة أشكال منها قيام المحرر بالتركيز على الزاوية الأساسية لموضوع التحقيق أو التلخيص السريع لجميع زوايا الموضوع .. والشكل الثالث الذي يمكن أن تأخذه المقدمة يقوم على طرح المحور لمجموعة من الأسئلة أو التساؤلات التي تثير اهتمام القارئ ثم يقوم بعد ذلك بالإجابة على كل سؤال منها في جسم التحقيق .

الجسم :
يعرض في جسم التحقيق بقية زوايا الموضوع بعد طرح الزاوية الأساسية في المقدمة ، ويتم هذا العرض بالتفصيل من خلال الإجابة على كل سؤال .. وكذلك من خلال عرض المقابلات الصحفية التي أجراها مع الشخصيات التي ترتبط بالموضوع ثم أيضاً من خلال البيانات والمعلومات الخلفية التي جمعها سواء من أرشيف المعلومات بالصحيفة أو من المكتبة .
الخاتمة :
تقدم خلاصة مختصرة للنتيجة أو النتائج التي توصل إليها المحرر من آراء أو تصورات للقضية أو المشكلة التي تناولها التحقيق وقد تأخذ هذه الخلاصة شكل التأييد أو المعارضة لرأي من الآراء التي طرحت داخل جسم التحقيق .
الفئات المستهدفة :
مرحلة التعليم الثانوية ، وما في مستواها من المدارس الحكومية والخاصة على مستوى الدولة .
المعلمون والمعلمات بجميع المراحل التعليمية .
موضوع المسابقة :
إعداد تحقيق صحفي مصور يتناول شعار مسابقة هذا العام :
" وطني .. هويتي "
الشروط والإجراءات التنفيذية :
المسابقة مركزية يتم تقييمها فقط على مستوى الوزارة بدون مقابلات .
لغة التحقيق الصحفي هي اللغة العربية .
يتسابق الطلاب بشكل فردي ويمكن الاشتراك بأكثر من تحقيق .
يمكن الاستعانة بالمراجع ودوائر المعارف والصحف والمجلات .
التحقيق ما بين خمس إلى عشر صفحات فلوسكاب .
يطبع التحقيق على الآلة الكاتبة أو الكمبيوتر أو خط اليد الواضح .
تكتب بيانات المتسابق على الغلاف الخارجي أو الصفحة الأولى بوضوح .
تقوم المدارس بإرسال التحقيقات الصحفية إلى أقسام الأنشطة بالمناطق التعليمية التي تتولى تجميعها وإرسالها إلى ديوان الوزارة – إدارة الأنشطة الطلابية بدبي .
عناصر التحكيم :
م المعايير الدرجة
1 تناسب محتوى التحقيق مع شعار المسابقة 20
2 حسن الصياغة وجمال الأسلوب وخلوه من الأخطاء 20
3 المقدمة والخاتمة والعناوين الرئيسية والفرعية والمقدمات 15
4 مدى توفر الصور الفوتوغرافية والرسوم والإحصاءات 15
5 الإخراج الفني والتنسيق وجودة الخط أو الطباعة 15
6 الانتقال لمصادر التحقيق ولقاءات المتخصصين والخبراء 15
إجمالي الدرجات

التوقيتــات الخاصة بالمسابقة:
تقوم المدارس بإرسال التحقيقات الصحفية إلى أقسام الأنشطة بالمناطق التعليمية في موعد غايته الأسبوع الثالث من شهر يناير 2011م .
تتولى أقسام الأنشطة بالمناطق التعليمية إرسال التحقيقات الصحفية إلى إدارة الأنشطة الطلابية بديوان الوزارة بدبي في موعد غايته الأسبوع الثاني من فبراير 2011م .
يتم التحكيم المركزي في الأسبوع الرابع من فبراير 2011م.
مستويات التكريم : الطلبة :
المركز الأولى ( بنين + بنات ) مبلغ 2500 درهم .
المركز الثاني ( بنين + بنات ) مبلغ 1500 درهم.
المركز الثالث ( بنين + بنات ) مبلغ 1000 درهم .
 الهيئة التعليمية :
المركز الأولى مبلغ 3000 درهم .
المركز الثاني مبلغ 2000 درهم.
المركز الثالث مبلغ 1000 درهم .


الأحد، 7 نوفمبر 2010

مسابقة المدونات التعليمية


Educational blogs

تعريف المدونة:
هي نوع من أنواع المواقع، عادة ما تكون لفرد بحيث يقوم بإدخال تعليقات، أو وصف حدث معين، وتحوي على عدة انواع من الوسائط مثل الرسومات أو الفيديو. علما بان المدخلات تكون مرتبة ترتيبا زمنيا تصاعديا وتصاحبها آلية الكترونية لأرشفة المدخلات القديمة .

أهداف المسابقة :
 تنمية المهارات التقنية للمعلمين والطلبة .
 توظيف التقنيات في التعليم .
موضوع المسابقة :
 يصمم المشاركون مدونة تعليمية على شبكة الانترنت باللغة العربية أم الانجليزية تخدم العملية التعليمية .
الفئات المستهدفة :
طلاب وطالبات المرحلة الثانوية بالمدارس الحكومية والخاصة ، ومن في مستواهم من طلبة ذوي الإعاقة .
المعلمين والمعلمات بالمدارس الحكومية والخاصة.
شروط التسابق :
تكون المشاركة فردية .
تتضمن المدونة اسم المشارك ومدرسته وايميل .
آلية التنفيذ :
ترشح المدرسة 3 مشاركات من كل فئة إلى قسم الأنشطة الطلابية بالمنطقة التعليمية بتاريخ 27 فبراير 2011م .
يتم تشكيل لجنة لتقييم المدونات بإشراف موجه تقنية المعلومات بالمنطقة التعليمية .
ترسل الأعمال الخمسة الأولى من كل فئة من المنطقة التعليمية إلى إدارة الأنشطة الطلابية بالوزارة بتاريخ 10 مارس 2011 م .
معايير التحكيم :
م المعيار الدرجة ملاحظات
1 التصميم 30
2 المحتوى 20
3 الوسائط المستخدمة 30
4 التفاعل مع الآخرين 20
المجموع 100

مستويات التكريم .:

• الخمسة مراكز الأولي
• الخمسة مراكز الأولى للمعلمين والمعلمات .

السبت، 23 أكتوبر 2010

معلم الضوء

سنقدم هنا نموذجاً يمكن تسميته بمعلم الضوء. يمكننا أن نفهم نموذج هذا المعلم من خلال قراءة وتحليل قصة إنسانية، تمثل علاقة خاصة جمعت بين معلم وتلميذته الصغيرة. حظيت هذه القصة، باهتمام عدد كبير من الفنانين والمخرجين العالميين. تم تصويرها بأكثر من لغة ومثلت في أكثر من ثقافة، كان آخرها الفيلم الهندي (BLACK) الذي أنتج في العام 2005 ولاقى نجاحاً كبيراً على المستوى العالمي. ما هي القيمة الإنسانية التي تقدمها هذه القصة لتحظى بكل هذا الاهتمام؟
في هذه القصة يبني المعلم علاقة مختلفة بتلميذة مختلفة. يسحب المعلم تلميذته (العمياء والصماء والخرساء) من الظلمة الحالكة التي تعيشها إلى حيث الضوء. ينطلق بها من حيث السواد الذي يلف حياتها إلى النور. يخلق لها عينين داخل عينيها السوداويين. يجعلها ترى العالم بحاستها وروحها وقلبها وعقلها. يمكِّنها أن تبني مفاهيمها المتفردة للأشياء. أن تصيغ رؤيتها الخاصة للأشياء. أن تعبر نحو عالمها وتنسجم معه وتتعايش معه على نحو لا يتمكنه الآخرون.
لم تكن رحلة المعلم مع تلميذته سهلة، بل مؤرقة ومنهكة ومتعبة ومكلفة. كانت تحدياً عاشه كل من المعلم والتلميذة. لكنه كان مؤمناً بقدرته على أن يهب تلك الروح الهائمة جناحين تطيران بهما.
سنتعرض هنا لجوانب من هذه القصة، وسنرى كيف صارت ميشيل –الطفلة العمياء- تفتخر بمعلمها (معلم الضوء)، وكيف صارت تعرفه وتراه، وكيف صارت تقدِّمه وتعرفه للآخرين: "كطفلة كنت دائماً أبحث عن شيء، لكنني كنت أنتهي إلى تلك الظلمة الحالكة. يوماً ما وضعتني أمي بين تلك اليدين المجهولتين. لقد كان مختلفاً عن الآخرين. كان ساحراً. لسنوات طويلة واصل سحبي من العتمة إلى الضياء. عندما نقف أمام الرب، كل واحد فينا أعمى. فلا واحد منا قد رآه أو سمعه يوماً. لكن أنا لمسته وأحسست بوجوده. وأسميته معلم. بالنسبة لي كان كل شيء أسود. لكن معلمي علمني معان جديدة للون الأسود. فالأسود ليس مجرد العتمة والاختناق. بل هو لون النجاح أيضاً والمنجزات. هو لون رداء التخرج الذي نتقاسمه اليوم. لكن بيني وبينكم فرق كبير. أنتم ترتدون هذا الرداء لتحتفلوا بتخرجكم. لكن بالنسبة لي، ليكون معلمي هو أول من يراني بالرداء الأسود. كنا نأتي حفل التخرج كل عام، ونقف عند الباب، وكل عام يكتب على يدي: أريد أن أراك يوماً على هذه المنصة يا ميشيل. تطلب الأمر مني أربعين عاماً كي أحقق حلمه، واليوم فقط أشعر بعجزي عن الرؤية. لأني أرغب في أن أرى معلمي واقفاً عند الباب. يشاهدني وأنا أحقق حلمنا بفخر".
كانت تلك الكلمات التي ارتجلتها ميشيل (بإشاراتها ورموزها الخاصة) في حفل تخرجها من الجامعة. ألقتها وسط زملائها ومعلميها وأولياء أمور الطلبة والحاضرين. فما هي حكاية ميشيل، وما قصتها؟
ميشيل مولودة بكر لعائلة ثرية، ولدت لتجد نفسها تعيش في سواد وصمم أبدي. لا ترى الطفلة غير لون واحد: السواد. لا تسمع الطفلة غير صوت واحد: طينين الصمم. تعيش الطفلة وحدها في تابوها المغلق. تستوحش. ما العالم؟ هل يمكن أن يكون العالم ذلك الشيء الأسود الذي تراه ميشيل؟ ما جدوى العالم إن لم يكن كثيراً بالألوان متعدداً بالأصوات؟ ما معنى العالم إن لم يكن يهدي لنا في كل يوم لون جديد ومشهد جديد وشروق جديد وغروب جديد وصوت جديد وكلمة جديدة ومعرفة جديدة وتعريف جديد وحضور جديد. لم يكن في حياة ميشيل أي جديد، لأنه لا قديم في حياتها أصلاً، اللحظات متساوية كما الساعات كما الأيام كما السنوات. لم تكن حياتها غير وحشة أن تكون في لون وحدك.
تكبر ميشيل في بيت يتعاطف مع صندوقها المظلم الذي تعيش فيه، لكنه لا يجيد إعانتها على الرؤية خارجه. يهيأها (دون أن يقصد) إلى الإيغال في السواد أكثر. كلما تعاطفت الأسرة مع صندوق ظلامها أكثر، كلما غابت ميشيل في لونها الواحد. كلما توحشت أخلاقها. أصبحت روحاً هائمة لا يمكن السيطرة عليها. صارت كائنا متوحشاً في جسد إنسان. الانسان يكتسي إنسانيته من الضوء الذي به يرى تعدد الأشياء. بهذا يتمايز عن غيره من الكائنات. يعدد الضوء الصور في مدار الانسان فيتسع فيها. يجعل لكل شيء إسماً. بالأسماء تعرف الأشياء وبالضوء توصف. في الضوء المتعدد بالألوان يمايز الانسان بين صفاته وصفات البهيمة. في الضوء المتعدد بالألوان يتعالى الانسان على البهيمية والوحشنة. يصير لطافة في كثافة. لكن ميشيل الطفلة لم تعرف غير اسم واحد فقط يملأ صندوقها. لم ترى صوراً تجعلها تمايز بين البهيمية والأنسنة، فصارت روحاً أقرب إلى البهيمية منها إلى صفات الانسان.
في الثامنة من عمرها، قررت العائلة احضار معلم خاص، كمحاولة أخيرة للسيطرة على حال ميشيل المتوحش والصعب، قبل أن تلجأ إلى خيارها الأخير، المتمثل في إيداع ميشيل في دار رعاية خاصة.
كان المعلم رجلاً لا يعرف المستحيل. يعيش عالماً من الأفكار الضجرة والهائمة والشاردة التي لا تقبل التقييد أو الاستسلام. المعلم له علاقة خاصة بالضوء. يعتقد أن له قدرة على التعليم تشبه السحر. عندما أرسلوا يصفون له واقع ميشيل قال بثقة: "روح هائمة لا سبيل لها، سوف أمنحها جناحين مصنوعين من الكلمات. سوف أجعلها تحلق عاليا". استطاع المعلم أن يرى ظلمة ميشيل الخانقة والمهلكة. استطاع أن يفهمها. لم تكن ميشيل طفلة لينة مطيعة وسهلة الانقياد. بل كانت شرسة وعنيدة ومتمردة وصعبة الطباع. لكنه كان مؤمناً بقدرته على سحبها نحو الضوء. بقى المعلم متمسكاً بإيمانه بقدرته، رغم كل ما اعترضه من صعوبات وتحديات كفيلة أن تجعله ينسحب ويتراجع. تقول ميشيل بعد أن كبرت بين يدي ضوئه: "كان إيمانك بي كبيراً، وامتلكت أنا أجنحتي بذلك الإيمان"، "كانت أصابعك تحدثني.. الرحلة تبدأ حيث الظلام وتنتهي حيث الظلام.. يوماً ما سيتحتم علينا أن نمضي خلال هذا الظلام..ونصل إلى حيث الضياء.."
يبدأ المعلم أول دروسه مع تلميذته: " أنت مختلفة، ويجب أن تفتخري أنك مختلفة". بماذا تفتخر هذه الطفلة؟ هل تفتخر بعماها وخرسها وظلامها؟. يشرح المعلم لتلميذته اختلافها: "الأحرف الهجائية لن تبدأ معك كالمعتاد، بل ستبدأ من حروف الظلام.. ظ..لا..ا..م". لكن لماذا يبدأ المعلم من حروف الظلام؟ لماذا لا يبدأ من حروف النور والضوء؟. ربما لأن ظلام ميشيل لا يشبه نور الآخرين.
كانت تلك هي بداية صنع شبكة العين الجديدة لميشيل. حروف الظلام هي الحروف الوحيدة التي تعرفها ميشيل، لا يمكن لميشيل أن تعرف شيئاً لم تره. يخاطب المعلم الطفلة العمياء: "انهضي سيدة ميشيل. لقد مررنا جميعا من خلال هذه الظلمة. الظلمة التي تعيشين فيها أنت، لذا لا تبقي في نفس العتمة. تعالي إلى حيث الضياء".
عبر حروف الظلام والعتمة والسواد يمكن لميشيل أن تعبر نحو الضياء والنور والبياض. فهي تعبر إلى ما لا تعرفه عبر ما تعرفه. بمعرفة حروف الظلام، بمعرفة معنى الظلام، أصبحت ميشيل قادرة على جلب حروف الضوء لداخل حياتها: "كنت أنظر في ظلمتي. وكنت أنت من جلب ذلك الضوء المتلالئ".
لم تكن ميشيل لتخرج من ظلامها لو لم تتعرف أولا على حروف الظلام، لو لم تتعرف على معان جديدة للون الأسود الذي كانت تراه، لو لم تره نجاحاً وانجازاً بقدر ما تراه عتمة واختناقاً. بداية ميشيل الجديدة لم تكن لعن الظلام، بل في تعلم حروفه ومعرفتها. معرفة حروف الظلام هي بداية معرفة الضوء.
لسنوات طويلة كانت ميشيل ترى نفسها في الظلمة، والمعلم يراها في الضوء، تقول ميشيل: "لسنوات طويلة واصل المعلم سحبي من العتمة إلى الضياء". لسنوات طويلة عمل المعلم على مد ميشيل بالضوء. الضوء أكثر أهمية من العين بالنسبة للمعلم: "العين ليست مهمة مقارنة بالضوء. ففي الظلمة حتى العينين تغدوان بلا فائدة". الضوء هي شبكة العين غير الطبيعية التي صارت تستطيع بها أن ترى، هي العلاقة التي أقامتها بين الأشياء والرموز والحروف والكلمات. المعلم علم ميشيل كيف تضيء شمعتها لترى، يقول المعلم: "حالما تضاء الشمعة. سيمتلئ هذا البيت نورا".
لم يعط المعلم لميشيل معارف ثابتة ومعلومات، بل أعطاها أداة تفكير تستطيع بواسطتها أن تعيد بناء علاقتها بذاتها وبالعالم، أن تتلمس الضوء المنبعث من داخلها، أن تخلق معرفتها الخاصة، أن تبدع فهمها الخاص والمتفرد للأشياء. أن تبدع تعبيراتها. أن تقهر المستحيل. يفتخر المعلم: "المستحيل هي الكلمة الوحيدة التي لم أعلمها لها".
بهذا تحولت روح ميشيل الهائمة إلى طائر يحلق بجناحين رمزيين من الكلمات. إنهما الجناحين اللذين فاجآ المعلم نفسه. ميشيل تواجه أسئلة مصيرية في حياتها. أسئلة تحدد إمكانية قبول ضمها في الجامعة كأي طالب معافى: كم محيطاً يوجد في هذا العالم؟ تجيب ميشيل: بالنسبة لي كل قطرة ماء هي محيط. تُسأل: إذا كنا في الهند، ففي أي إتجاه تقع أمريكا؟ تجيب ميشيل: إن العالم مستدير، لذا فأمريكا يمكن أن تكون في أي اتجاه. تُسال: ماذا تعني المعرفة بالنسبة لك. تجيب ميشيل: المعرفة هي كل شيء، هي الروح، الحكمة، الشجاعة، الضوء، والأصوات، المعرفة هي انجيلي، الرب، المعرفة هي معلمي". تقف لجنة الفحص مشدوهة باجابات الطالبة العمياء. تفوز ميشيل بدخول الجامعة. وتبدأ رحلتها الصعبة الثانية مع الجامعة.
عبر هذا النموذج نستطيع أن نقدم معلم الضوء الذي نعنيه. هو ليس ذلك المعلم الخاص لتلميذ خاص كما مر معنا في حكاية ميشيل. مثل ذلك أمر بعيد عن الواقع الميداني. لكننا نقدم ملامح معلم الضوء الذي نعنيه:
• معلم الضوء يمتلك بعد نظر يتيح له أن يرى إلى أين يريد أن يأخذ تلاميذه.
• معلم الضوء لا يعرف المستحيل ولا يعلمه لتلاميذه مهما قست الظروف.
• معلم الضوء يؤمن بقدرته على أن يهب الضوء لتلاميذه اياً كانت ظلمتهم.
• معلم الضوء يؤمن بالطيران، ويؤمن بقدرته على أن يهب تلاميذه أجنحة يطيرون بها.
• معلم الضوء يؤمن بقدرته على أن يبدل ظلام صعوباتهم ومشاكلهم وأوضاعهم إلى تحديات. يؤمن باختلاف كل تلميذ عن الآخرين.
• معلم الضوء يؤمن أن الاختلاف قوة وليس ضعفاً، وأن التلميذ المختلف ليس متخلفاً عن التعليم، بل إنه بحاجة إلى حروف هجائية مختلفة يبدأ بها تعليمه. معلم الضوء ينطلق من ظلمة اختلاف تلاميذه إلى نور مشتركاتهم.
• معلم الضوء لا يلقي في طلابه المعلومات والمعارف والمعاني والتعريفات، بل يهبهم ما به يستطيعون صناعتها والتعبير عنها واستخدامها.
• معلم الضوء هو من يفتخر تلميذه أن يتقاسم معه رداء تخرجه من أعلى شهادة يصل إليها.

الخميس، 21 أكتوبر 2010

" اللغة العربية ومواكبة العصر " في مؤتمر دوليّ بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ..

http://www.ruowaa.com/?P=15&CS_ID=1&SJ_ID=92

صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين على تنظيم الجامعة الإسلامية لمؤتمر "اللغة العربية ومواكبة العصر"؛ وذلك في جمادى الأولى من عام 1433هـ.
أوضح ذلك مدير الجامعة الإسلامية الدكتور محمد بن علي العقلا، الذي رفع باسمه وباسم منسوبي الجامعة كافةً خالص شكره وتقديره لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ولسموّ النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز على ما يقدمونه للجامعة من دعم ومساندة في جميع مناشطها، كما قدّم شكره وتقديره لوزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري على متابعته للجامعة ودعمه لبرامجها المختلفة.
وأشار د.العقلا إلى أن المؤتمر يسعى لتأصيل الهوية اللغوية العربية وترسيخها، ويناقش حال العربية وما يعترض سبيلها من تحديات مختلفة، كزحف العامية وتعدد اللهجات وغزو اللغات الأخرى. ويحاول المؤتمر أن يتلمس السبل التي تنهض باللغة العربية وتجعلها مواكبة لمتطلبات العصر الحاضر، وذلك بالانفتاح على معطياته والإفادة من الدراسات اللغوية المعاصرة، فيما يثري اللغة ويقرّبها للمتلقي دون التنازل عن ثوابت الهوية اللغوية الأصيلة.
من جانبه أوضح عميد كلية اللغة العربية الأستاذ الدكتور عبدالرزاق بن فراج الصاعدي أن المؤتمر يهدف إلى خدمة اللغة العربية والثقافة الإسلامية، وإبراز التحديات التي تواجه اللغة العربية، والتصدّي للدعوات التي تنادي بإقصاء اللغة العربية وسبل مواجهتها، والإسهام في ربط اللهجات المعاصرة بأصولها في العربية، وبيان مدى إسهام الدراسات اللغوية الأكاديمية في خدمة الفصحى، والوقوف على المناهج اللغوية الحديثة وتطبيقاتها والإفادة منها، والتعرف على الاتجاهات الحديثة في الدراسات الأدبية والبلاغية والنقدية والإفادة منها، والسعي إلى الاستفادة من وسائل التقنية الحديثة في خدمة اللغة العربية.
وعرض د. الصاعدي محاور المؤتمر وقال إن المحور الأول سيناقش دور أقسام اللغة العربية في الجامعات في النهوض بالعربية وآدابها، أمّا المحور الثاني فيُعنى باللهجات والتأصيل اللغوي، وفي المحور الثالث يناقش المؤتمر اللغة العربية ووسائل التقنية والاتصال الحديثة، كما يهتم المحور الرابع بدور الآثار الأدبية المعاصرة، ويعرض المحور الخامس هموم اللغة العربية في عصر العولمة.
وأوضح الصاعدي أن آخر موعد لتلقي ملخصات الأبحاث هو التاسع والعشرون من صفر عام 1432هـ على أن لا تتجاوز الملخصات من (200 – 400) كلمة، كما أن آخر موعد لاستلام الأبحاث هو التاسع والعشرون من جمادى الأولى عام 1432هـ.